التعليم والصحة.. ومحاذير الخصخصة

أماني محمد العمران

 

هل الخصخصة حل ناجح لتحقيق كل التغيرات المطلوبة في الصحة أو التعليم؟ قد يجد المدافعون عن هذا الفكر الكثير من الأسباب التي تؤيد صحة مواقفهم ورؤاهم، أو إيجاد المبررات التي تدفعهم نحو هذا المنحى الذي يمكن أن تطلق عليه الخطوة التي يشوبها بعض المحاذير. ولدى البعض استفسارات من بينها: لو كانت الخصخصة ناجحة في مجال حيوي وأساسي كالصحة أو التعليم لنجحت المستشفيات الخاصة التي لا يفتأ البعض في سرد انتقادات تتعلق بممارسات تجارية قد لا تراعي ظروف المرضى وتعد عبئاً على أسرهم. فقد تحول المرض إلى هاجس، ليس لأنه مرض بقدر ما بعده من فواتير وأعباء ودواء تبلغ قيمته آلاف الدراهم. فالثغرات التي تعاني منها بعض المؤسسات الصحية الخاصة يراها البعض بأنها كفيلة بكشف حقيقة تحول الخدمات الصحية إلى مجال مال وأعمال، ما يثير القلق بشأن حقيقة هذه الأعمال التي تستغل المرضى وتحولهم إلى مجرد فرصة سانحة للربح. وبعض المشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي الخاص، ينطبق أيضاً على المدارس الخاصة التي يدفع فواتيرها أولياء أمور يريدون مستقبلاً أفضل لأبنائهم، ويواجهون حقيقة أن التعليم الخاص ليس إلا فرصة للكسب السريع بغض النظر عن الأجيال القادمة التي تحتاج إلى مستويات تعليم متطورة، ودراسة عميقة للغات العربية والانجليزية وغيرهما. لذلك كانت المنافسة الحكومية مطلوبة وأساسية في هذه القطاعات الحيوية، فالخدمات الصحية والتعليمية من أهم الأمور التي يحتاجهما الناس في أي مجتمع، ولعل الولوج لهذه التفاصيل يفتح ملفات متراكمة تعكس أن المشكلات المتراكمة في هذين القطاعين قد تكون ناتجة عن إرث كبير من الأخطار التي لم يتم علاجها في وقتها، ولعل الأمر لا يحتمل غياب التفاؤل بإمكانية إيجاد حلول، أو علاجات ناجعة لهذه المشكلات. فالكشف عن مواقع الخلل أمر في غاية البساطة، لكنه بحاجة إلى شجاعة قرار وجرأة وسرعة في التنفيذ. والاعتماد على الخصخصة قد لا يسعف القطاعات المطلوب تطويرها في حل المشكلات المتراكمة، لكنه في بعض الأحيان، قد يعمل على تعطيل الخدمات الحقيقية التي لا بد منها. التعامل مع الخصخصة بطريقة خاطئة سيؤدي بالضرورة إلى تراكم جديد لمشكلات ستظهر مع لغة المال والأعمال في قضايا إنسانية جداً. وهي ليست الحل، فالرأسمالية التي لا تراعي بعض الجوانب المجتمعية والإنسانية لن تنقذ بل ستُغرق كل المزايا التي يحصل عليها المريض أو الطالب اليوم. وليس هناك ما هو أسوأ من استغلال حاجة الإنسان للعلاج أو التعليم وتحويلها إلى مجرد آلية للتعامل بمنطق الزبون، الذي ينبغي أن يسدد فواتير أصحاب رؤوس الأموال.

 

مقال للكاتبة الإماراتية أماني محمد العمران، نُشر في جريدة الاتحاد ،، العدد الصادر يوم الاحد 30 ابريل 2017 ..

 

للإطلاع على المقال في موقع الجريدة .. إضغط هنا ..

 

 

تاريخ الاضافة : Fri 29 Oct 2021 عدد المشاهدات : 514 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب