د. فيصل بن الفديع الشريف
يتردد دائما ان “الصلاحيات تُنتزع ولا تُعطى”، فما مدى صحة ذلك؟ وهل يُمكن للموظف او المسؤول ان يمنح لنفسه الصلاحيات كيفما أراد؟ وهل تستقيم الإدارة بمفهومها الدقيق مع هذا الرأي؟ والحقيقة ان هذا الجملة لا يُمكن العمل بها في وجود التطبيق الصحيح والشامل للمفاهيم الإدارية التي تهدف، فيما تهدف اليه، الى تنظيم الاعمال وتحديد مسؤوليات من يقوم بها والصلاحيات التي تقابل هذه المسؤوليات وتساعد على الوفاء بها، وتنفيذ متطلباتها. كما تتعارض هذه الجملة مع مبادئ الحوكمة في الإدارة والتي تركز على تحديد “من يعمل ماذا” وتوضح حدود المسؤوليات وتدرجها على حسب الهيكل الوظيفي للمنشأة، والصلاحيات اللازمة والكافية لكل وظيفة في الهيكل التنظيمي.
تستخدم مؤسسات الاعمال، عامة كانت ام خاصة، مصفوفات الصلاحيات والمسؤولياتResponsibility and Authority Matrix والتي تحدد الاعمال المطلوبة ومسؤوليات كل وظيفة تجاه كل عمل، وكذلك صلاحيات شاغل الوظيفة التي تمكنه من أداء عمله في بيئة منضبطة وشفافة يمكن مراقبة اعمالها وتقييم أدائها. ويتم تحديد الصلاحيات التي تُمنح للوظائف إعتمادا على العمل المطلوب منها وما يُمكنها من انجاز هذا المطلوب. والصلاحيات ترتبط بالوظيفة ولا يجب ان توضع لشاغلها، لأن شاغل الوظيفة متغير والوظيفة ثابتة. ومع ذلك فإنه يجب ان يكون هناك توازن في منح الصلاحيات على حسب الأثر الذي تحدثه، وقد تشترك اكثر من وظيفة في صلاحية واحدة عندما يتعدى اثر هذه الصلاحية او تبعا لحساسيتها واهميتها.
ومما لا شك فيه، انه في بعض المهام التي يُكلف بها الموظف بشكل عاجل، أو عندما لا تكون الحوكمة الإدارية مُحكمة بالشكل الصحيح، او في الحالات الطارئة، او حتى في المهمات المؤقتة، فإن اتتظار إشارات السماح او صلاحية اصدار قرار معين، قد يُعطل العمل، ويؤخر المطلوب، وفي هذه الحالة، تصبح الجرأة والشجاعة في اتخاذ القرار الصحيح النابع من تحمل المسؤولية واستشعار الاهمية هي الامر المطلوب و ما يجب ان يكون. لكن ذلك يجب ان يكون واضحا وشفافا وموثقا لإغلاق منافذ التحايل وابواب الفساد التي تتخذ مثل هذه المهمات منفذا لها متى ما وجدت الى ذلك سبيلا.
مقال نُشر في جريدة “إشراقة” التي تصدرها كليات الشرق العربي، العدد 60 الصادر في الاول من ذو القعدة 1445 الموافق 9 مايو 2024.
اترك تعليقاً