محفزات السعودة

فيصل بن الفديع الشريف

 

من المؤكد ان توطين الوظائف هو الخيار الاستراتيجي الاساسي الذي لابد منه على المدى البعيد، ليس فقط للقضاء على البطالة، ولكن أيضا لبناء مجتمع يعتمد في الاساس على ابناءه لتسيير اموره والوفاء بمتطلباته. فكيف نحقق هدف التوطين بالكفاءة المطلوبة في سوق العمل المعتمد على التنافس، دون ان نؤثر سلبا على مسيرة التنمية التي هي الهدف الاول للتوطين والانفاق والخطط التنموية الخمسية المتكررة؟ محفزات السعودة كثيرة تم تفعيل بعضها وما زال هناك الكثير من الافكار البناءة التي يجب ان يتم فحصها واختبار مدى امكانية نجاحها ومن ثم اتخاذ القرار المناسب حيال تطبيق ما يصلح منها للتطبيق. كفانا تجربة وخطأ لأنها توثر كثيرا على الاستثمار وتخفض إمكانيات توليد فرص عمل اخرى. ما نسمعه ونراه هو التركيز في احد المحفزات على مخرجات التعليم واهمية التدريب، وهذه بدون شك حجر زاوية في موضوع التوطين، لكن بيئة العمل بشكلها المتكامل لا تقل اهمية عن التعليم والتدريب.

 

يبلغ اجمالي عدد الوظائف المشغوله في المملكة حوالي 8150 الف وظيفة حسب تقرير وزارة التخطيط والاقتصاد (الاقتصاد السعودي في ارقام – 2011)، نصيب القطاع العام من هذه الوظائف 1215 الف وظيفة بنسبة 15% ونصيب القطاع الخاص 6933 الف وظيفة بنسبة 85% ، وهذا يعني ان القطاع الخاص هو الحاوي الاكبر للوظائف، ويعتبر التركيز على تطوير ادوات التوظيف فيه وجذب الاستثمارات الغنية بفرص التوظيف له وتيسير السبل فيما يحقق مصالح المستثمرين ويوفر أهداف توطين الوظائف المرجوة من أهم الاسباب للقضاء على نسب البطالة العالية بالمقارنة مع فرص العمل المتاحة.

 

لابد من الاعتراف ان بيئة العمل في القطاع الخاص تختلف عنها في القطاع العام من حيث الانضباط والانتاجية المتوقعه من الموظف وعدد ساعات العمل والاجازات والامان الوظيفي وضغط العمل ومعايير التقييم وحجم العوائد خصوصا على المدى القصير وفي الوظائف التي لا تتطلب مهارات خاصة. هذه الاختلافات تميل في غالبها للقطاع العام بإعتباره الاكثر جذبا للشرائح المستهدفة للتوظيف وهي الاكثر عددا والاكبر ضغطا. في الوقت الذي لا تتوفر فيه الوظائف في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب في القطاع العام بنفس حجم الطلب عليها. كثير من السعوديين يعملون في القطاع الخاص وأعينهم على وظائف في القطاع العام (توظيف مؤقت) ولو أعطي المتقدم الخيار بين القطاعين لأختار القطاع العام في غالب الاحتمالات حتى لو انخفضت الامتيازات الوظيفية. في القطاع العام هناك 35 ساعة في الاسبوع وفي القطاع الخاص 48 ساعة؛ هناك يومين لنهاية الاسبوع وهنا يوم واحد؛ هناك إجازات اعياد طويلة وهنا قصيرة؛ هناك رواتب عالية وزيادات سنوية مضمونة وهنا رواتب منخفضة في بداية التوظيف وزيادات سنوية متذبذبة ومرتبطة بالاداء؛ والكثير من الفروقات. فماهي السبل التي تجعل القطاع الخاص جاذبا للتوظيف والعوامل التي تحفز على الاقبال في التقدم على طلب الوظائف فيه؟

 

السبل او المحفزات كثيرة، نوجز هنا ما يتعلق منها بتنظيم بيئة العمل، حيث يُفترض ان تكون متقاربة الى حد بعيد في كل من القطاع الخاص والعام ان لم تكن متساوية في الانظمة والمميزات، مثل تساوي ايام العطل، تساوي سُلم الرواتب، تساوي انظمة المكافآت والجزاءآت، تساوي انظمة التقاعد، تساوي ساعات العمل او جعل العوائد مرتبطة بساعات العمل في القطاعين العام والخاص، تساوي الانظمة الخاصة بالتأمين، تساوي الشروط المتعلقة بالتوظيف والوظائف، تساوي انظمة التطوير الاداري والوظيفي، دعم التدريب والتعليم في القطاعين، وهكذا. ونعتقد ان مثل هذه السبل سوف تجعل طالب الوظيفة يُركز على الافضل والاكثر جذبا والاكثر مصلحة، وفي القطاع الخاص مصالح كثيرة لمن يريد ان يعمل وينتج بجد واتقان، حيث الترقيات وزيادة العوائد عالية عند ارتفاع مستوى الاداء وغير مرتبطة بقوانين محددة يصعب تجاوزها مثل ما يحدث في القطاع العام.

 

 

تاريخ الاضافة : Fri 29 Oct 2021 عدد المشاهدات : 793 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب