الخصخصة في القطاعات الحكومية

مكتب محمد بن عفيف للمحاماة

 

مقدمة:

تشهد اقتصادات العديد من الدول في الآونة الأخير مجموعة من المتغيرات، التي أثرت بشكل كبير على مساراتها وتوجهاتها، وذلك بهدف إجراء بعض الإصلاحات المالية والاقتصادية لعلاج القصور والاختلالات الهيكلية الناتجة عن المظاهر السلبية لانخفاض الكفاءة الإنتاجية في وحدات القطاع الحكومي. وتعتبر الاختلالات في النظام الإنتاجي وعلى رأسها الاختلال الناشئ عن سيطرة القطاع الحكومي وضعف كفاءته الإنتاجية من أهم الأمور التي تمثل حجر الزاوية في إصلاح الاقتصاد في هذه المجتمعات، وقد برزت عملية الخصخصة كأحد الأساليب الإصلاحية للهيكل الإنتاجي لمعظم اقتصادات تلك الدول وعلى  الأخص الدول النامية أو تلك التي كانت تنتهج نظام الاقتصاد المركزي والملكية العامة للدولة لكافة المرافق والمؤسسات، وحيث أن الخصخصة في مجملها تعني تحويل ملكية المؤسسات بنقلها من ملكية القطاعات الحكومية إلى الملكية الخاصة وما يحتويه ذلك من أمور أخرى تتعلق بإدارة تلك المؤسسات بمستوى أفضل وكفاءة أشمل.لقد بدأ انتشار حركة الخصخصة هذه فعليا في نهاية الثمانينات ببرامج انطلقت في دول الشرق وفي العديد من الدول النامية لاسيما أمريكا اللاتينية وأسيا وأفريقيا والتي تحت دوافع خاصة اختارت فرصة جديدة للتنمية وترتكز هذه الأخيرة على نشاط القطاع الخاص وعلى انفصال الدولة على تسيير الاقتصاد مباشرة وذلك بخصخصة المؤسسات الحكومية. إن الخصخصة بعيدة كل البعد أن تكون متجانسة لأنها تخضع لاختلاف الوضعيات التي تتدخل من خلالها وتختلف من خلال التنفيذ من بلد لآخر، وحتى من منطقة لأخرى بحجمها وطبيعتها وحالة القطاعات المعنية، وبمستوى التنمية في المجال الذي تمت فيه الخصخصة وخصوصياته ، ولقد كان تنفيذ عمليات الخصخصة بطيئا خلافا لما كان متوقعا وقد نتج عنه نتائج مخالفة تماما وذلك تبعا للمجالات الاقتصادية وأيضا مناسبة الخيارات الإستراتيجية لخصخصة هذه المجالات، وفي البلدان التي يزدهر اقتصاد السوق فيها وأين تم تجنيد الوسائل وتحضير هذه العمليات بجدية، فإن النجاح كان في الغالب ماليا وجماهيريا ( تنمية المساهمة الشعبية). لقد واجهت الخصخصة عدة مشاكل وصعوبات في الدول الشرقية وفي الدول النامية خاصة تلك التي لاتتوافر فيها شروط النجاح وكان عدد هذه البلدان كبير، وفي العديد من الدول لاسيما منها الدول النامية من ينظر للخصخصة على أنها عملية تحول لا رجعة فيها، وبمرور الزمن أصبحت بالفعل وأمام الصعوبات المواجهة، هدفا متوسطا أو طويل الأجل يتطلب إصلاحات مسبقة تضمن توفير شروط نجاح الخصخصة.

مفهوم الخصخصة:

تظهر تجارب الدول النامية وكذلك الدول التي في طريق النمو أنه يمكن لمفهوم الخصخصة أن يتخذ عدة أشكال ويمكن استعماله للدلالة على عدة معان، حسب السياسات والأهداف المنشودة.

وبالفعل فإن التعريفات المختلفة لمفهوم الخصخصة أسدلت نوعا من الغموض على المعنى الذي نريد إعطاءه إياها، ويؤكد أ.بوعشيق (A. Bouachic) هذا الالتباس والذي تظهره برامج متعددة للخصخصة ملاحظا أن: “الخصخصة هي مرادف لإعادة الهيكلة (تونس)، التسيير الذاتي (الجزائر)، النقل (المغرب)، إلغاء التأميم (البرازيل) لرد الفعل أمام تقدم تسلط الموظفين (الولايات المتحدة الأمريكية)، تغيير الهياكل التنظيمية خاصة (هولندا)، تنازل الدولة عن المؤسسات القابلة للمنافسة (فرنسا)”[1]. وللإلمام بمحيط هذا المفهوم في شكله المقيد بناءا على مقاربة اقتصادية جزئية فإن الخصخصة تعني نقل ملكية مؤسسات القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص.

ويوضح س. مارتن بایس (S. Merten -Beisse) طرق هذا النقل، مصرحا بأن:” تظهر الخصخصة كنقل لمساهمات الأغلبية التي تمتلكها الدولة مباشرة أو غير مباشرة في مؤسسات القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص إما باستبدال السندات بتنازلات دون قيد أو شرط أو رفع رأس المال، أو زد على ذلك الانفتاح على الاستثمار الأجنبي مع احترام القوانين المطبقة عليه”.

يقتصر هذا المفهوم للخصخصة على نقل الملكية فقط واستثناء كل أشكال الخصخصة الأخرى التي لا تضر بحقوق ملكية الدولة كالخصخصة الشكلية (أو التسویق)، عقود التسيير أو الإدارة…. الخ، وهو ما سنفصل فيه لاحقا.

إن التعريف الذي يعطيه غوماري (M. Rhomari) يعكس جيدا المعنى الواسع للخصخصة بفعل أنها: “تجمع بين عمليات إزالة الضبط وتقوية المنافسة، هدم الاحتكارات الحكومية، اللجوء إلى أنظمة الامتياز والمناولة للقيام بمهام الخدمة العامة، وكذلك التنازل عن الأصول الحكومية والمنح التي توزعها الدولة لمستهلکي خدمة ما والتي سيقدمها متعامل خاص”.                                                                                      ولكن التعریف الأكثر دقة للخصخصة هو ذلك التعریف الذي یعتمد على فكرة تحلیل المنفعة والعائد، فالخصخصة هى وسیلة عن طریقها یستطیع المجتمع أن یشبع الحاجات الاجتماعیة لأفراد المجتمع باتباع الوسائل والطرق التى عن طریقها یتم الإشباع بأقل تكلفة ممكنة، والتى تحقق أعلى عائد ممكن.

 

أنواع الخصخصة: 

تتعدد أنواع وطرق الخصخصة وتتوحد غايتها القائمة على أساس تحويل ملكية المؤسسات بنقلها من ملكية القطاعات الحكومية إلى الملكية الخاصة بهدف تحسين الكفاءات الإنتاجيو وإصلاح الاقتصاد، ونأتي فيما يلي على طرق أو أنواع الخصخصة:

 

1-البيع الكلي لأسهم مؤسسات القطاعات الحكومية (الخصخصة الكلية):

 

ويكون ذلك بتنازل الدولة كليا عن حقوق ملكيتها الى القطاع الخاص، وذلك بطرح كل أسهم رأس المال للبيع للجمهور، ویعد هذا النوع من أفضل الأنواع لما له من أثر مباشر على توسیع قاعدة الملكیة ودعم المنافسة والشفافیة، والذي یؤثر بدوره على نسب الاستثمار وكفاءة الإنتاج.

 

2-البيع الجزئي لأسهم مؤسسات القطاعات الحكومية (الخصخصة الجزئية):

 ويكون بقیام الحكومة بطرح جزء من أسهم رأس مال المؤسسة للبیع للجمهور والاحتفاظ بباقي أسهم المؤسسة ملك للدولة، وتصبح المؤسسة في هذه الحالة مختلطة أي ملك “للحكومة والقطاع الخاص”، وفي هذه الحالة یكون هدف الحكومة هو التدرج فى بیع المؤسسة بالكامل أو الاحتفاظ بجزء من الاسهم إلى الأبد نظر لأهمية المنشأة للدولة، يسمي ج. ريفيرو ( J. Rivero) الخصخصة الجزئية بالخصخصة “الناعمة” مقارنة بالخصخصة “القاسية” التي تشبه أكثر الخصخصة الشكلية (أو التسيير الذاتي)، و الذي يعرفه كالتالي : ” لا تكون الخصخصة إذا بإخراج مؤسسة من القطاع العام لإدخالها في القطاع الخاص، بل يجلب عدد ما من عناصر القطاع الخاص وإدخالها داخل المؤسسة العمومية”.

 

 

3-ضخ استثمارات خاصة جدیدة في المؤسسة:

 یتم ذلك من خلال فتح باب المساهمة في رأس المال المؤسسة للقطاع الخاص بسبب رغبة الحكومة في التوسع أو التحدیث لعملیاتها، في هذه الطریقة للخصخصة الحكومات لا تتصرف في ملكیتها بل تزید من الملكیة الخاصة مقارنة بملكية الدولة، وتتولد تركیبة ملكیة مشتركة بینها وبین القطاع الخاص.

 

4-عقود الإدارة:

 تعهد الدولة لجهات خاصة ذات كفاءة مسؤولية إدارة كل أو بعض المشاريع العامة، وفقاً لقواعد العمل في السوق التنافسية، وذلك بالتعاقد مع خبراء من القطاع الخاص، لتسيیر وادارة الوحدات الاقتصادیة المملوكة للدولة في مقابل أتعاب معینة، أو مقاسمة الربح الصافي مع الدولة، وهي نوع من الخصخصة الجزئية.

 

5- فـك ارتباط المشاريع العامة بالبيروقراطية الحكومية:

 من خلال إلغاء صور الرقابة الحكومية على الأنشطة الاقتصادية، والاعتماد بدرجة أكبر على قوى السوق وآلياته. ومن أبرز صورها إلغاء سياسات التسعير الجبري، والاستغناء عن العمالة الفائضة بالمشاريع العامة، وترشيد الدعم الحكومي للمشاريع العامة، وتعديل التشريعات العمالية لتتواءم مع التوجهات الجديدة.

 

أساليب الخصخصة:

1-خصخصة عن طريق إعادة هيكلة المؤسسات:

وتكون عن طريق تحويل مؤسسة معينة من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص، مثل خطوط الطيران أو مؤسسة لتنقيب واستخراج المعادن مملوكة للدولة، فخصخصة المؤسسة تكون عن طريق تحويلها إلى شركة مساهمة عامة مملوكة للحكومةوبعدها بيع أسهم المؤسسة للقطاع الخاص، وتكون ملكية وإدارة المؤسسة انتقلت من القطاع العام إلى القطاع الخاص، أخيرا لابد من الإشارة أن الحكومة عادة تبقي جزء من أسهمها في الشركة المخصخصة دون أن تبيعها للقطاع الخاص، وذلك كي تضمن تدفق جزء من أرباح تلك الشركة للخزينة حال تحققها.

2-خصخصة تنظيم القطاع:

يُعتمد هذا الأسلوب من الخصخصة عندما يراد خصخصة قطاع كامل كالكهرباء والاتصالات والنقل (أو حتى جزء كبير من القطاع كالنقل البري أو البحري). وتتم الخصخصة بتحرير القطاع المعني الذي كان محتكرا في السابق من قبل القطاع الحكومي الذي يقوم بإعطاء المؤسسات والشركات التراخيص والأوراق المطلوبة على أن تعطي المؤسسة أو الشركة نسبة من الأرباح إلى الحكومة. إلا أن هذا التحرير لا يكون عشوائيا فالقطاع العام يقوم بإنشاء هيئة أو مؤسسة تنظيمية لمراقبة الأمور التنظيمية في القطاع المعني (كهيئة تنظيم قطاع الاتصالات).

 

3 –خصخصة عن طريق نقل الإدارة:

وهذا النوع يشمل نقل إدارة الأملاك العامة إلى خاصة بحيث إذا أرادت الحكومة مشروعا يحتاج لموارد مالية ضخمة لا تستطيع الحكومة توفيرها كتوسعة مطار معين أو إنشاء سكة حديد، فإنها تطلب من شركة خاصة القيام بهذا المشروع وتبنيه، حيث يكون لهذه الشركة الإدارة العامة في هذا المكان، وأيضًا الاحتفاظ الموارد المالية التي تنتج منه وهذا لمدة معينة، وفي خلال هذه الفترة تكتفي الحكومة الرسوم السنوية التي تأخذها من هذه الشركة.

 

أهداف الخصخصة:

 تمكن الخصخصة من تحقيق جملة من الأهداف تختلف باختلاف الآليات والطرق التي يتم اعتمادها من طرف السلطات الحكومية في تدبير عملية الخصخصة. وهذه الأهداف بشكل مجمل هي:

  • تخفيف الأعباء المالية للدولة عبر التخلص من الشركات العمومية المفتقدة للكفاءة والربحية، والتي تشكل عبئا على المالية العمومية بسبب الدعم الذي تتلقاه من الدولة لتغطية خسائرها وضمان استمراريتها.
  • خلق مناخ الاستثمار المناسب، وتشجيع الاستثمار المحلي لاجتذاب رؤوس الأموال والأجنبية.
  • تطوير الأسواق المالية المحلية من خلال إدراج الشركات المخصخصة في سوق الأوراق المالية (البورصة) المحلية، والرفع بالتالي من عدد الشركات المدرجة ومن عدد الأسهم القابلة للتداول، مما سيكون له أثر إيجابي على جذب الرساميل (المحلية والدولية) وحجم المعاملات في السوق.
  • تحقيق فاعلية ورفاهية المستهلكبضبط تسويات تعاقدية وتطبيقها بطريقة ملائمة واشتغال المؤسسة بصفة فعالة.
  • تأمين محيط القطاع الخاص من التأثيرات السياسية.
  • توسيع قاعدة الملكية داخل البلد عبر إتاحة فرص الاستثمار في الشركات المخصخصة لجمهور المواطنين، وتحويل جزء من الأسهم إلى العاملين في هذه الشركات، والحصول على زيادة في الإنتاج والتصدير وتحسين الجودة.
  • توافر حصيلة لدى الدولة من بيع الوحدات العامة، تستطيع أن تواجه بها عجز الموازنة العامة.
  • التغلب على عدم كفاءة نظم الرقابة والمحاسبة في الوحدات العامة.
  • إعادة توزيع الأدوار بين القطاع العام والقطاع الخاص وانسحاب الدولة تدريجيا من بعض النشاطات الاقتصادية وفسح المجال أمام المبادرات الخاصة عن طريق تشجيع الاستثمار الخاص.

 

نتائج تطبيق الخصخصة:

قرار الخصخصة يحمل في طياته درجة عالية من المخاطرة للحكومات، ونجاح برامج الخصخصة يعتمد إلى حد كبير على وضوح الأهداف التي ترنو الدولة إلى تحقيقها من تحويل عدد من مؤسساتها العامة إلى القطاع الخاص، لأن مسار الخصخصة يتحدد بهذه الأهداف، فهناك بعض الحكومات اتخذت من الخصخصة وسيلة لتدمير الاقتصاديات وزيادة نسب البطالة والتخلف الاقتصادي وذلك بعدم إختيارها السليم سواء للانشطة أو التواقيت أو القوانين المنظمة للعملية، وعلى العكس من ذلك فهناك بعض من الحكومات الأخرى التى اتخذت من الخصخصة وسيلة لزيادة الكفاءة  العمالية وإدخال التكنولوجيا الجديدة وتقليل الأعباء من على كاهلها وتقليل نسب البطالة وتحسين الخدمات والسلع وزيادة الموارد.

 

دوافع اللجوء الى الخصخصة:

إن الإهتمام بموضوع الخصخصة ليس مقصورا على الدول الصناعية، حيث نجد أن معظم دول العالم مهتمة بهذا الموضوع وذلك لعدة دوافع نذكر منها:

1-الدوافع الإقتصادية: ينتظر من الوحدات المخصخصة تحسين الأداء الإقتصادي ككل وهذا الأخير لا يحدث بمجرد تحويل الملكية إلى القطاع الخاص، ما لم يصاحب هذا التحويل جملة من الإجراءات أهمها إعادة هيكلة الوحدات المعنية فنيا، ماليا وإداريا وتوفير بيئة تنافسية فعلية. كما أن القطاع الخاص لديه قدرات أفضل وهو أكثر إهتماما بعامل الربحية، وهذا ما يؤدي إلى تحسين أداء المؤسسات الاقتصادية. وللخصخصة تاثيرا كبيرا على سوق العمل في المدى الطويل والمدى القصير، ففي المدى القصير تعمل في اتجاه زيادة معدل البطالة جراء إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتي تتميز بوجود عمالة فائضة، أما على المدى الطويل فتؤدي الخصخصة إلى القضاء على البطالة بشكل تدريجي، و ذلك بسبب ظهور شركات و فروع جديدة بسبب المنافسة الناتجة عن الخصخصة، وهذا ما يؤدي إلى انتعاش إقتصادي، حيث أن زيادة فرص العمل يؤدي إلى زيادة في الدخل و الرفاهية و توزيع الثروة و هذا بدوره يؤدي إلى رفع الميل الحدي للإدخار وتحسين مجال التمويل، كما أن الخصخصة تؤدي إلى كسر الإحتكار كما فعلت بريطانيا، حيث قسمت شركة british gaz على أساس كونها محتكرة ثم قامت ببيعها للجمهور.

2. الدوافع المالية: قيام الدولة بعمليات الخصخصة يؤثر إيجابا على ماليتها العامة وذلك بتقليص النفقات التي كانت توجه لدعم القطاع العام وبالتالي تخفيض العجز، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات المترتبة عن بيع المؤسسات، والضرائب التي تفرض عليها بعد تحويلها للقطاع الخاص، كما أن الخصخصة تؤدي إلى تخفيض عبئ المديونية الخارجية بتحويل جزء من الديون إلى إستثمارات.

 3. الدوافع السياسية والإجتماعية: هناك العديد من الدوافع السياسية والإجتماعية التي أدت إلى ترويج الخصخصة نذكر منها:

– تؤدي الخصخصة إلى القضاء على الشعارات السياسية والتي يعيل البيروقراطيين والإشتراكيين إلى إستخدامها باعتبارها تستخدم الطبقات الكادحة.

– هناك الجانب العملي السياسي والذي يهدف إلى خلق قاعدة الدعم الشعبي لحكومة أو سياسة معينة وذلك ناتج عن الإعتقاد بأن إعطاء العدد الأكبر من أفراد الشعب فرصة المشاركة في ملكية المؤسسات الإقتصادية سوف يؤدي إلى كب أصواتهم الانتخابية.

– هناك الجانب السياسي والإجتماعي الذي يهدف إلى خلق طبقة أكبر من مالكي الأسهم وبالتالي توزيع الثروة بأكثر عدالة.

إذا الخصخصة وسيلة لتحقيق مزيد من الحرية الشخصية وإيجاد الحافز الشخصي على الإنتاج والقضاء على السلبية وتحقيق إنضباط في السلوك داخل مجالات العمل.

 

الآثار السلبية للخصخصة:

بقدر ما للخصخصة من فوائد وأهداف ونتائج إيجابية ذكرناها سابقا، فلها أيضا جانب من الآثار السلبية التي قد تنتج جراء اهمال الحكومات وسوء اختيار الأنشطة والقوانين والتواقيت التي تنظم عملية الخصخصة، وغياب معايير عالية ورقابة مستمرة، وشفافية وحوكمة، وبالتالي تظهر خطورتها الكامنة، من ضمنها:

  • التركيز على المصالح الخاصة تعمل على إهمال المصلحة العامة فيؤدى إلى إهمال الطبقات الوسطى لأن الخاص يهتم بالمال.
  • الاحتكار للقرارات من القطاع العام على الرغم من وجود خصخصة في حالة الجزئية فيؤدي إلى ارتفاع عدم المساواة بين الاقتصاد والاجتماع.
  • إذا اعتمد الوطن على القطاع الخاص في كل شيء يجعل الوطن سهل لدخول الأجانب والسيطرة عليه وأيضًا حصول فقر على كافة الوطن.
  • بعض من أنواع الخصخصة قد لا يوجد الكفاءة المطلوبة التي يحتاجها الوطن مما يثبت عدم رقابة عامة وهذا يضر الوطن وكذلك أيضًا المواطن.
  • زيادة معدلات التضخم.
  • زيادة معدلات الفقر على المستوى الوطني.
  • تآكل وانعدام الطبقة الوسطى.
  • ارتفاع معدلات اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية.
  • إن خصخصة القطاعات الحكومية قد تنقلنا بشكل مباشر من دول حكم الفرد الواحد أو الحزب الواحد إلى دول حكم رجال المال والأعمال، وبالتالي ستكون السلطة بيد مجموعة من المنتفعين حرصين على مصالحهم الشخصية، وبالتالي غياب الديمقراطية.

 

تجربة الخصخصة في الدول المتقدمة والنامية:

1-في الدول المتقدمة: 

انتشرت عمليات التأميم و استقرت بعد الحرب العالمية الثانية في الدول المتقدمة، وخاصة في إنجلترا و فرنسا، و تناولت هذه الحركة المشاريع والقطاعات الإقتصادية الحيوية نظرا لأهميتها في الإقتصاد الوطني، و تعتبر هذه الدول أيضا رائدة في مجال الخصخصة ببيع المنشآت الإقتصادية والتي تركزت على مفهوم الشركة العمومية أو المنشأة العامة، أي المنشأة العامة التي تمتلكها الدولة، وتعتبر بريطانيا رائدة العالم الغربي في مجال الخصخصة و توسيع نطاق الملكية الشعبية للمشروعات، وذلك بمجيء حكومة ” مارغريت تاتشر” و التي ركزت على مبدأ الرأسمالية الشعبية. ولقد جلبت برامج الخصخصة المنفذة من قبل الدول المتطورة إنتباه الباحثين والمتخصصين، ليس بسبب الطرق والوسائل المستعملة فحسب، وإنما أيضا بسبب ضخامة المنشآت المباعة في تلك البلدان.

وبدأت أولا بالصناعة ثم توسعت لتشمل كل القطاعات بما فيها القطاع المالي والمصرفي، وامتازت الخصخصة في الدول المتقدمة بتطبيق إجراءات دقيقة مست شركات ضخمة، حيث ساعد هذه الدول في إتمام عمليات الخصخصة بنجاح:

– توافر الهياكل الإقتصادية المحددة والواضحة.

– إستمرار القوانين والإجراءات مع وجود قطاع خاص قوي منذ فترة طويلة.

– وجود جو عام من المنافسة بين المشروعات سواءا خاصة أو عامة.

– توفر رقابة على الأسعار والمنتجات مع وجود هيكل أسعار قائم على التكلفة الواقعية.

الحكومات كانت أكثر حذرا بل متحفظة جدا بالنظر إلى آثار القوية للخصخصة السريعة وللمفعول الرجعي الذي من شأنه أن يضر بصلابة وبقاء السلطة السياسية المتعلقة بالخصخصة.

 

2-في الدول النامية:

تسارعت عمليات الخصخصة في كل أقطار العالم، النامية والمتقدمة على حد سواء، إذ تختلف في الأقطار النامية عنها في المتقدمة، بكونها كانت تستخدم كوسيلة للسيطرة على الأسعار والعمالة، كما أن نسبة إستحواذها أكبر وأعظم خاصة الدول الاشتراكية سابقا. مع الإشارة إلى أن دول أمريكا اللاتينية كانت رائدة في عملية الخصخصة بين الدول النامية ونتج عنها إرتفاع في الإستثمارات وتحسن للإنتاجية وزيادة في مداخيل هتطه الدول من بيع هذه المؤسسات والضرائب المفروضة عليها وتوسع الأساق المالية. لكن حتى وإن نجحت الخصخصة نسبيا في بعض الدول وإن كانت نامية لايمكن إسقاطها مباشرة على كل الدول النامية، فدول إفريقيا مثلا لايمكن مقارنتها مثلا بدول ماليزيا والمكسيك، فالخصخصة تحتاج إلى دعم سياسي قوي وقوانين ومؤسسات متطورة إضافة إلى موارد بشرية وتقنية كافية.

أما الدول العربية التي عملت بنظام الخصخصة بفاعلية في مصر، المملكة الأردنية الهاشمية، الإمارات، بالإضافة إلى عدد أخر من الدول التي ما زالت في بداية تطبيق برنامج الخصخصة. وحققت التجربة في تلك الدول وخاصة الإمارات نجاحا حيث كانت الاستثمارات للدول العربية والأجنبية. وقد استقطبت دولة الإمارات مثلا المستثمرين من كل دول العالم وعادت بالفائدة على ذلك نرى أن الكثير من الدول العربية قد لجأت إلى سياسات الخصخصة بغية إتاحة الفرصة للقطاع الخاص يلعب دورا اکبر في عملية الإنتاج المواطنين فيها. وفي الآونة الأخيرة استفادت مصر من وجود جالية عراقية كبيرة يعمل الغالبية منهم في مجال الاستثمار، ولذلك الدول العربية قد لجأت إلى سياسات الخصخصة بغية إتاحة الفرصة للقطاع الخاص يلعب دورا اکبر في عملية الإنتاج.

                                        

ختاما: أصبحت الخصخصة منهجا وأسلوبا اعتمد عليه العديد من الدول النامية والمتقدمة للتخلص من الحجم الزائد للقطاع العام وتحقيق الكفاءة الاقتصادية بصفة عامة والكفاءة الإنتاجية في وحدات القطاع العام بصفة خاصة، بحيث أصبح مصطلح الخصخصة من أهم المصطلحات على الساحة الاقتصادية العالمية، وفي ظل التحولات المعاصرة في كثير من الدول، كسياسات التحرير وإعادة الهيكلة، وتحول دور الدولة من الدور الإنمائي إلى الدور التصحيحي، وتعزيز دور القطاع الخاص والانفتاح الاقتصادي والانتقال إلى اقتصاد السوق. وفي ظل تنامي المشاكل الاقتصادية في الدول النامية، ذهب هذا البحث للتعرف على آثار سياسة الخصخصة كأداة من أدوات السياسة الاقتصادية وعلى أهدافها وأساليبها، وتمكنا من معرفة ما إذا كانت الخصخصة حلا للمشاكل الاقتصادية التي عانت منها الدول المتقدمة سابقا ولازالت تعاني منها بعض الدول النامية.

المصادر والمراجع:

 

[1] A. Bouachic, Les privatisations au Maroc, printing and publishin.co252p.

[2] S. Merten-Beissel, Les privatisations au Grand-duché du Luxembourg. M.   

[3]  M.Rhomari, « la privatisation des entreprises publiques en Afrique », CAAP-AAS, no32.

[4] أحمد عبد الوهاب، طرق الخصخصة، المركز المصري لدراسة السياسات العامة، ص3.   

[5] J. Rivero, « Rapport de synthèse de la commission sur les techniques de privatisation », R.I.D.E., no3, 1992. P.375-382, p. 376.

[6] R. Lantner, Grands débats sur les transformations à l’Est, op. cit. 

 

للإطلاع على التقرير من مصدره ،، إضغط هنا ..

 

تاريخ الاضافة : Fri 29 Oct 2021 عدد المشاهدات : 1001 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب