د. فيصل بن الفديع الشريف
في شهر أغسطس 2008، أعلنت الهيئة السعودية للمهندسين عن تأهبها لإطلاق نظام الحد الادنى لأتعاب المكاتب الهندسية خلال ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ، وذلك للحد من تجاوزات بعض المكاتب الهندسية لخفض تكاليفها على حساب جودة المخرجات الهندسية النهائية. لكننا حتى تاريخ هذا المقال ما زلنا ننتظر مثل هذا القرار الملزم التطبيق للنهوض بمستوى الخدمات الهندسية التي اصبحت مجالا للمنافسة التي تؤثر سلبيا على جودة الخدمات الهندسية المقدمة. ومع ان نسب الاتعاب المعروفة عالميا للتصميم والاشراف تترواح بين 5-15% من تكلفة إنشاء المشروع، الا انها تنقص لدينا عن ذلك بكثير في المشاريع التي تعلن ارقام اتعاب الاستشارات بها مقارنة مع تكاليفها، حيث يحصل كثير من الاستشاريين على اتعاب تقل عن 1% من تكلفة الانشاء مقابل خدماتهم، واذا زادت هذه النسبة فإنها لا تزيد عن ذلك بكثير. في الوقت الذي يحصل نظرائهم في بلدان اخرى على اتعاب هندسية كافية لتقديم خدمات هندسية ذات جودة عالية. ففي خدمات الاشراف على التنفيذ التي تعتمد على رجل/شهر كأساس للتكاليف، لن يكون التصور حكيما بالمطالبة في توفير خدمات مهندسين ذوي كفاءة عالية يقومون بالاشراف الدقيق على عمليات التنفيذ ومساعدة اطراف المشروع على اكماله على افضل وجه، في الوقت الذي يدفع فيه المالك اتعابا لا تكاد تكفي للمهندسين المبتدأين في مثل هذه الاعمال.
يُقدر عدد المهندسين العاملين في قطاع الهندسة بالمملكة بحوالي 180 الف مهندس، نسبة السعوديين فيهم تبلغ حوالي 17% فقط. ويعمل 80% من المهندسين السعوديين في القطاع العام، بينما يعمل 20% منهم في القطاع الخاص، وهذا يعني ان قطاع الهندسة مازال في حاجة الى المزيد من القوى البشرية العاملة وانه لم يصل الى الآن الى مرحلة الفلترة والاختيار الدقيق وما زلنا نحتاج الى جميع الخريجين من كليات الهندسة ونستعين بالاضافة الى ذلك الى خمسة أضعاف أخرى غيرهم من كافة دول العالم لمساعدتنا في انجاز اعمالنا. وهو ما يقود الى ان خفض الاتعاب الهندسية سيؤدي بدون شك الى الاعتماد على الاستعانة بموارد بشرية قليلة التكلفة للتوافق مع الاتعاب المقدمة وهو ما سيؤدي الى تخفيض جودة الاعمال التي يتم تنفيذها.
إشكالية خدمات الاستشارات الهندسية انها خدمات لا يُقدرها اصحاب المشاريع ويستكثرون الانفاق عليها مع أهميتها في جودة العمل وتخفيض تكاليف الانشاء والصيانة والتشغيل. في المقابل، فإن اصحاب المشاريع ينفقون بسخاء على مرحلة التنفيذ وبشكل اكثر من المفترض في اغلب المشاريع. وقد لا يعلمون إن التصميم الجيد والاشراف الدقيق هو الاساس للجودة وتقليل التكلفة سواء في مرحلة التنفيذ او حتى في مرحلة التشغيل والصيانة على مدى عمر المشروع. وتشير بعض الدراسات الى ان نسبة تكلفة الخدمات الهندسية تمثل 1% من إجمالي تكلفة المشروع على مدى دورة حياته، في الوقت الذي يكلف فيه الانشاء حوالي 18% بينما تذهب النسبة الاكبر وهي 81% الى صيانته وتشغيله على مدى عمره الزمني. وتمثل نسبة اتعاب الخدمات الهندسية هذه حوالي 5.6% من إجمالي تكلفة إنشاء المشروع وهو معدل نسبة اتعاب الخدمات الهندسية المتعارف عليها في مشاريع كثيرة خصوصا كلما كان حجم المشروع اكبر من المتوسط، وترتفع هذه النسبة كلما صغر حجم المشروع. ولذلك فإن من المهم ان يتم الانفاق بعدل على الخدمات الهندسية لأن الجودة في الاعمال التي تتم فيها ولو ان نسبتها 1% هي التي تخفض تكاليف النسبة الباقية والمتمثلة في 99% من تكلفة المشروع.
_________________________________________________________________________________
مقال للدكتور فيصل الفديع الشريف، نُشر في جريدة الاقتصادية، العدد 6732 الصادر بتاريخ 24 ربيع الثاني 1433 الموافق 17 مارس 2012.
للإطلاع على المقال ،، إضغط هنا ..
جريدة الوطن السعودية. 23:00 الخميس 14 أبريل 2022 – 13 رمضان 1443 هـ
الدمام : عدنان الغزال
فيما دعا مهندسون وملاك مكاتب استشارات هندسية، لإطلاق نظام الحد الأدنى لأتعاب المكاتب الهندسية لحفظ جودة المنتج الهندسي، وطموحهم بتشريع يضع حدًا أدنى لأتعاب المكاتب الهندسية، وذلك للحد من التجاوزات التي تقوم بها بعض المكاتب لخفض أسعار التكاليف على حساب جودة المخرجات الهندسية النهائية، شريطة الحد من عمليات الاحتكار، أكد آخرون صعوبة تطبيق الحد الأدنى لتفاوت العوامل والظروف بين المكاتب الهندسية.
مآمير ضبط
أشار المؤيدون لتطبيق النظام لـ«الوطن» إلى أن ذلك، يشكل نقلة نوعية في تنظيم عملية الاستشارات الهندسية، ويضع ضوابط فنية معينة يكون متعارفًا عليها في سوق الاستشارات الهندسية لضمان المنتج الهندسي بعد دراسته من المكاتب الهندسية، وذلك من خلال تحديد مواصفات هندسية محددة تضمن الجودة بأقل التكاليف، ولا يسمح لأي مكتب هندسي بعمل مواصفات أقل جودة من تلك المحددة، في حين يظل السقف الأعلى مفتوحًا لمن أراد مواصفات هندسية أعلى، مضيفين أن نظام مزاولة المهن الهندسية، يتضمن تعيين «مآمير ضبط» للقيام بجولات تفتيشية على المكاتب الهندسية لضبط المخالفين لنظام مزاولة المهن الهندسية بهدف حماية وتنظيم المهنة والقطاع ومنع المتطفلين من الدخول.
التصنيف يتأثر بتقييم العملاء
أبان المهندس هاني الضويان «المهتم بنشر الوعي الهندسي»، أن هناك وسيلتين لتقييم المكاتب الهندسية، وهما: منصة بلدي، وآلية ضبط المخالفات في أمانات المناطق، ويحق للمتضرر تقديم شكوى من خلال منصة بلدي أو الهيئة السعودية للمهندسين، موضحًا أن الهيئة السعودية تعنى بضبط وتطبيق لائحتي المكاتب الهندسية وممارسة الأعمال الهندسية، لافتًا إلى أن آلية التأكد من موثوقية المكتب الهندسي من خلال مشاهدة تقييم المكتب الهندسي في منصة بلدي، مشددًا على أن تقييم العملاء يؤثر على تصنيف المكتب الهندسي بشكل واضح وفق التصنيفات التالية: معتمد، خامسة، رابعة، ثالثة، ثانية، أولى، لافتًا إلى أن من أبرز المشاكل في سوق المكاتب الهندسية محليًا، هي: شغل 4 تخصصات هندسية «معماري، كهربائي، ميكانيكي، مدني» في خارج السعودية.
تخضع للعرض والطلب
قال المهندس عبدالله المقهوي «مستشار هندسي»: إنه من الصعب تحديد حد أدنى لأتعاب المكاتب الهندسية على مستوى المملكة من ناحية التصميم والإشراف وغيره، لأنه توجد عوامل وظروف متغيرة ومختلفة بين مكتب هندسي وآخر، وأن تحديد سعر الأتعاب الهندسية لأي مكتب يدخل فيها تفاصيل العمل الهندسي المطلوب وإيجار المكتب الهندسي ورواتب المهندسين وموقع المشروع، وهذه العوامل تتغير من منطقة إلى أخرى أيضًا، إن وضع حد أدنى للأتعاب الهندسية يتنافى مع سياسة الأسواق المفتوحة، التي تخضع للعرض والطلب، وأن المملكة اتخذت خطوات لضبط جودة الخدمات الهندسية، ومن ذلك تطبيق كود البناء السعودي، الذي يعتبر مرجعًا هندسيًا وقانونيًا في مجاله، كما أن نظام مزاولة المهن الهندسية، يسهم أيضًا في جودة أداء المكاتب الهندسية، حيث يطلب من كل مهندس يعمل في المملكة أن يكون معتمد مهنيًا عبر التحقق من شهاداته الأكاديمية وخبراته، وغيرها، حيث تقوم لجان تخصصية بزيارة المكاتب الهندسية للتحقق من ذلك بصفة دورية.
المؤهلات المهنية
أوضح المهندس أحمد الفريدة، أن اختيار المهندس المعماري أو المكتب المصمم، يعد من أهم القرارات، التي يتخذها الأفراد عند تنفيذ مشاريعهم السكنية أو غيرها، حيث يتم الاختيار على أسس: المؤهلات المهنية، والكفاءة، والتابعية لبعض المدارس المعمارية، وهي قليلة جدًا في السوق المحلي. وأضاف أن العلاقة المهنية مع المكتب المصمم علاقة مهمة جدًا، من خلال المناقشة المتعمقة المستقبلية، التي تسمح للمهندس المعماري والمهندسين بالتعامل بفعالية مع القضايا نيابة عن الملاك أو أصحاب القرار بشكل احترافي، إذ إن التصميم المعماري، يعتبر عملية منطقية وفنية وعلمية قادرة على حل الكثير من المشكلات عن طريق الحلول المعمارية، ولا نغفل أن عملية التصميم العماري، هي مجموعة من المراحل، التي تبدأ بجمع المعلومات المتعلقة، بالتصميم مرورًا بالدراسة الاستكشافية، من ثم وضع الحلول المعمارية التي تقود للنتيجة النهائية.
المدارس المعمارية
بين الفريدة، أنه توجد كثير من خطوات التصميم المعتمد، من بينها: AIA الجمعية الأمريكية للمعماريين، وRIBA المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين، منوهًا أن تاريخ المهندس في المكتب المعماري، وقدرته على أداء الخدمات المطلوبة، والخبرة العملية، ومنهجية التصميم المعماري، وسمعة المكتب المعماري، والكفاءة الفنية، والالتزام بمصالح العميل، من المعايير الأساسية لاختيار المكتب المعماري، علاوة على رغبة العميل في اتباع المدارس المعمارية، إضافة إلى ذائقة العملاء ورغبتهم في الخيال والإبداع المعماري، والأشكال الفريدة، وبرز في الآونة الأخيرة اختيار المكتب المعماري عن طريق المعارف الشخصية أو توصية من صديق أو توصية من مهندس معماري، مشددًا على غياب الإجراءات الواضحة في المكاتب الهندسية للتصاميم المعمارية.
التسويق لأكثر من عميل
أكد المهندس صالح الزهراني (خبير هندسي، محكم قانوني هندسي) لـ«الوطن»، أن التصميم عبارة عن مجموعة من اللوحات الهندسية الخاصة بمكونات المبنى من الناحية المعمارية والإنشائية والمكونات الكهربائية والميكانيكية وغيرها، ومع تعدد الخيارات في التصاميم المطروحة في السوق العقاري، يظهر لنا جليًا تطابق وتشابه بعض التصاميم في الشكل الخارجي والمضمون الداخلي للبناء، ومن هنا يعتقد البعض أن المصمم يقوم بتسويق التصميم ذاته لأكثر من عميل، مبينًا أن تشابه متطلبات العملاء، يعتبر أحد أهم الأسباب التي تشجع على إمكانية تطبيق التصميم وقبوله من شريحة كبيرة منهم؛ كون ثقافة المجتمع تفرض متطلبات في تصميم المبنى، قد تختلف من منطقة إلى أخرى ومن جيل إلى آخر ولكنها تبقى متشابهة إلى حد كبير.