أسباب تعثر المشاريع – العقد

د. فيصل الفديع الشريف

 

يتم التعاقد على المشاريع العامة في الغالب بعقد نموذجي يسمى عقد الأشغال العامة، وهو العقد الذي صدر قرار مجلس الوزراء قبل خمس سنوات (في بداية 1428هـ) بإعادة النظر فيه وإعداد صياغة جديدة له بالاسترشاد ببنود عقد المشاريع الإنشائية الدولي (عقد فيديك)، وطلب من وزارة المالية في 8/1/1430هـ القيام بإعداد مشروع عقد نموذجي لإدارة المشروعات وتعميم تطبيقه في تنفيذ المشاريع الحكومية، وتم تكرار طلب الإسراع في تنفيذ ذلك بتوجيه خادم الحرمين الشريفين بتاريخ 11/9/1432هـ.. ومع أن وزارة المالية قد شرعت في إعادة النظر هذه، لكنها لم تنته حتى الآن، حيث أصدرت نموذج عقد الإنشاءات العامة وطرحته للمراجعة، وهو أفضل بكثير من عقد الأشغال العامة المتبع حاليا، إلا أنه لم يوافق تطلعات المعنيين بشكل كامل. ويعتقد المعدون له أن هذا العقد سيؤدي إلى تخفيض عنصر المخاطرة لدى المقاول مما سيؤدي إلى تخفيض تكلفة المشروع، كما سيسهم في معالجة التأخر في تنفيذ المشاريع.

العقد المطبق حاليا في المشاريع العامة هو عقد الأشغال العامة، وهو عقد يرى الكثير من المهتمين بصناعة الإنشاءات إنه من أسباب تعثر المشاريع باعتباره عقد إذعان غير متوازن وغير عادل ويضغط بشكل كبير على المقاولين وينقل كل مخاطر المشروع إليهم دون أن يكون على الجهات الإدارية أي مسؤوليات حتى عندما تكون هي المتسبب في الأخطاء، ولهذا جاءت التوجيهات الكريمة بإعادة النظر فيه. فهو يراعي فقط مصالح الجهة المالكة ولا يحرص على حقوق المقاولين. كما أن آليات اعتماد صرف المستحقات فيه غير دقيقة وغير محددة المدة. كما أن الفترات اللازمة للاعتماد والكشف والاستلام غير محددة بشكل دقيق مثل ما هي محددة في عقود فيديك. لذلك تتعرض الأعمال للتأخير نتيجة تأخر الاعتمادات وتأخر صرف المستخلصات، وفي الأخير يُعاقب المقاول على ذنب لم يقترفه وليس له دور فيه. يكفي أن نُشير إلى نقطتين فقط فيهما الكثير من أسباب الخلافات والمشاكل، الأولى المتعلقة بظروف الموقع، والتي يُطلب من المتنافسين في العقد المطبق القيام بأعمال اختبارات التربة والتقدم بعروضهم على أساسها، وهو أمر غير منطقي أن يقوم جميع المتنافسين بأعمال اختبارات التربة كلٌ على حدة في موقع المشروع وفي خلال الفترة القصيرة لدراسة العروض. ومع أن أحدا لا يقوم بذلك، إلا أنه ما زال مطلبا ثابتا في وثائق المشاريع يتحمل فيه المقاول المسؤولية كاملة على هذا البند. وقد طالب المقاولون أن تقوم الجهة المالكة بإجراء اختبارات التربة وتوزيع نتائج هذه الاختبارات مع وثائق المنافسة لتخفيض المصاريف وتخفيض مخاطر التعثر. والثانية أن للمهندس في عقد الأشغال العامة أن يفوض ممثله بالصلاحيات والسلطات نفسها وتكون تعليماته ملزمة، لكن تقصير هذا الممثل في رفض أو قبول الأعمال قد يكون عرضة فيما بعد لرفض المهندس لها وأمره بهدمها وإزالتها.

تعتبر عقود فيديك التي نص القرار على الاسترشاد بها من أفضل العقود المعروفة باعتبارها عادلة وتراعي حقوق جميع الأطراف ولا تترك شيئا للمصادفة أو للمزاج، ولا نزال في انتظار تطبيق عقد الإنشاءات العامة الجديد بعد إنهاء تعديله وتطويره. ومهما يكن، فإن العدالة في صياغة العقود والوضوح في تحديد ما على كل طرف من مسؤوليات وما له من حقوق تعتبر أساسا في تفادي تعثر المشاريع والحد من التأثيرات المتعلقة بنقص التأهيل والخبرة أو المزاجية عند بعض مديري المشاريع والتي تؤثر سلبياً على المشاريع وأطراف العقد.

_____________________________________________________________________________

مقال للدكتور: فيصل الفديع الشريف، نُشر في جريدة الاقتصادية، العدد 6697 الصادر يوم السبت 19 ربيع الأول 1433 الموافق 11 فبراير 2012

 

للإطلاع على المقال ،، إضغط هنا ..

 

 

تاريخ الاضافة : Mon 4 Oct 2021 عدد المشاهدات : 526 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب