التعاون بين أطراف المشروع (المالك، المقاول، الاستشاري) يعد أحد أهم أسباب نجاحه وتفادي تعثره. هذا التعاون يكاد يكون مفقودا في الممارسات الحالية لإدارة المشاريع، وهو بلا شك من أسباب تعثر مشاريع كثيرة. لا يُمكن لطرف أن ينجز المشروع في ظل عدم تعاون بقية الأطراف معه، والواجب أن يقدم كل طرف الدعم اللازم حسب ما عليه من مسؤوليات تعاقدية إلى الأطراف الأخرى ليمكنها من إنجاز أعمالها. فالمالك عليه أن يقوم بتوضيح ما يجب توضيحه، والالتزام بالمواعيد المحددة للاعتمادات الخاصة بتسليمات المخططات والمواد والتغييرات، وصرف المستخلصات في أوقاتها وعدم تأخيرها. والمقاول عليه أن يُنجز عمله المطلوب منه حسب الجدول الزمني المتفق عليه، وأن يقوم بتقديم ما هو مطلوب للاعتماد أو للصرف في أوقات مبكرة تحسبا لأي إعادة اعتماد أو تأخير. والاستشاري عليه أن يقوم بما هو مطلوب منه في الفحص والاعتماد حسب ما هو مطلوب منه، وألا يتم تأخير أي اعتماد أو طلب فحص للمشروع.
ينظر كل طرف للآخر بأنه هو السبب بعدم اهتمامه ولامبالاته أو حتى تعمده فيما يمكن أن يؤدي إلى تعثر المشروع، والنتيجة النهائية في العادة يتحملها فقط المقاول حيث يُنظر إليه بأنه السبب الوحيد في تعثر المشاريع. بينما المسؤولية في الأساس تتركز على مالك المشروع (الجهة الإدارية) التي يجب عليها مراقبة المشروع بشكل مستمر والتأكد من معالجة المشكلات التي قد تطرأ على أعمال المشروع في مهدها بما في ذلك الاختلافات بين أطراف المشروع (المالك، الاستشاري، المقاول) مهما كان سبب هذه المشكلات أو الاختلافات، وذلك باعتبار أن المالك هو الجهة التي قامت بالتعاقد مع الأطراف الأخرى بهدف إنجاز مشروع مهم بالنسبة لها ويعتبر إنجازه في وقته المحدد وفي حدود الميزانية المقررة وبالجودة المطلوبة تعاقديا نجاحا لهذه الجهة الإدارية وعاملا مساعدا في تطوير مرافقها وتحقيق أهدافها. وعلى هذا الأساس فإن عليه مسؤولية تذليل الصعاب بشكل أكثر فاعلية وتقريب وجهات النظر بين الأطراف والتعجيل باتخاذ القرارات المناسبة التي تدفع المشروع للأمام وتعدل مساره إذا كان يحتاج إلى تعديل.
والحقيقة أن الشواهد توضح عدم تعاون أطراف عقود الإنشاءات وأنها سبب كبير في تعثر مشاريع كثيرة. ويبقى إلقاء كل طرف بالمسؤولية على الطرف الآخر، ويبقى تعثر المشاريع أصلا تعودنا عليه بينما هي الاستثناء الذي يفترض حصره ومعالجته. والموضوع يتعلق بتأهيل مديري المشاريع ورفع مستوى مهاراتهم ووعيهم في هذا الشأن، باعتبار أن مديري المشاريع هم من في أيديهم الحل والعقد فيما يخص المشاريع، ولأن الاهتمام بالقوى البشرية العاملة في إدارة المشروع هو الأساس في نجاحه، والاهتمام يكون برفع الوعي بإدارة المشاريع كمهنة لها أنظمة وأسس علمية معروفة. لأن جميع المواضيع الأخرى مثل صياغة العقود وبيئة العمل، ووضوح الإجراءات وانتظام دفع مستحقات المشروع وتوافر الموارد البشرية اللازمة لإنجاز العمل، كل هذه الأمور وغيرها مهما كانت متقنة، إلا أنها لا تدفع العمل إذا ما كان مديرو المشاريع والقائمون عليها غير مؤهلين وغير متعاونين بما فيه الكفاية لإنجاز المشروع. لذلك فإن ما يجب أن يتم هو أن يشعر جميع الأطراف المؤثرين في المشروع بأنهم فريق واحد يدعم كل واحد منهم الآخرين ويركزون جميعا على هدف رئيسي واحد وهو إنجاز المشروع في وقته المحدد وبالجودة المطلوبة تعاقديا وفي حدود التكلفة المقررة.
___________________________________________________________________________
مقال للدكتور فيصل الفديع الشريف، نُشر في جريدة الاقتصادية، العدد 6634 الصادر يوم السبت 15 محرم 1433 الموافق 10 ديسمبر 2011 .
للإطلاع على مقال: تعاون اطراف المشروع ،، إضغط هنا ..
اترك تعليقاً