20160805 إدارة تنفيذ المشاريع داخل المدن

الجمعة

2 ذو القعدة 1437

5 أغسطس 2016

إدارة مشاريع الشوارع

 

زرت يوم أمس صديقا لي في مكتبه، ووجدت شارعه مقفلا، الا من ممر واحد للسيارات، واضطررت الى الوقوف بعيدا. إقفال الشوارع ليس فقط يؤثر على المكاتب والسكان الذي يقطنونه ،، لكنه ايضا يؤثر على المحلات التي تفتح عليه، وكلما زادت مدة إغلاق الشارع، زاد الضرر، وزادت شكوى السكان، وضجر أصحاب المكاتب. فلماذا هذا؟ وماذا يجب علينا فعله لتفادي هذه الاضرار او على الاقل التقليل منها؟. سوف اناقش الموضوع هنا من باب إدارة مثل هذه المشاريع .. فهل يتم التعامل معها مثل تعاملنا في ادارة مشاريع اما بعيدة عن العمران، او انه لا تأثير لها على الحياة اليومية للناس؟ ام ان هذه المشاريع تحتاج الى طريقة ادارة اخرى يتم بها تنفيذ المشاريع بأقل ضرر ممكن على المواطنين؟.

قبل أن اصل الى صديقي، الطريق مغلق .. الناس منزعجة والمقاول غير موجود، والمالك غير مهتم

 

 

لا يُنكر أحد أن تنفيذ المشاريع ضرورة للتنمية، ويحتاج المجتمع للمشاريع التي تُساهم في رفع جودة الحياة، وتوفير الخدمات التي يجتاج اليها المجتمع بمختلف فئاته سواء العمرية او الاجتماعية او حتى العمرانية والحضرية. هذا المجتمع يتفهم ايضا ان للتنمية السريعة ضريبه للإنشاء والاصلاح المستمر، ولديه استعداد لتقبل ازعاج المشاريع املا في سرعة انتهائها لما ستوفره له من خدمة ويسر وسلامة وجمال. في المناطق المرتبطة بالسكان، يجب ان تكون البنية التحتية مكتملة قبل بناء الوحدات السكنية، وما يحتاجونه من مشاريع تعتمد على الكثافة السكانية يأتي لاحقا. لأن البيئة العمرانية عندما تكتمل، تصبح مكانا يعيش فيه السكان ويمارسون انشطتهم اليومية، ومن الصعب ان يتم انجاز المشاريع في اوقات مريحة عندما يكون السكان في انشطتهم اليومية، لأن المشاريع تُسبب لهم كثيرا من المشاكل التجارية والنفسية وتجعل الحياة صعبة مع الاغلاقات والحفريات وازعاج المعدات. في السعودية، المشاريع التنموية في تزايد، وهي تهدف للمصلحة بلا شك، تهدف الى جعل حياة الناس مريحة ومكتملة الخدمات. لكن تأخير تنفيذ المشاريع الى ما بعد إكتظاظ الاماكن بالناس، يحتاج معه الى التفكير الجاد في طريقة إدارة تنفيذ هذه المشاريع.

 

في إدارة المشاريع، دائما ما أحرص على توجيه الامور الى المالك، لأنه في نظري، هو الاساس في كل شيء، فإذا كان المالك حريصا على ان يتم انتهاء المشروع بالشكل الذي يلبي احتياجاته، فهو الذي يدفع المال من اجل ذلك، وما كل الآخرين (الاطراف الاخرى) الا مقدمي خدمة له. تعاقديا، هو الذي يهمه بشكل اكبر انجاز العمل بالشكل المطلوب، وهو الذي يستأجر الآخرين ليقوموا بما يريد. وفي المشاريع التي تمس حياة الناس، ان كان المالك حريص على ان لا تتأثر حياة الناس سلباً بالمشروع، فإنه يستطيع اتخاذ كافة الاحتياطات التعاقدية التي تمنع الاضرار، واذا كان منع الضرر مستحيلا بالكلية، فعلى الاقل تقليل اثار هذه الاضرار، وتقليل وقت بقاءها مؤثرة. الموظفين القائمين على المشاريع التي تتم داخل المدن، يجب عليهم عليهم ان يفهموا ان عدم اكتراثهم بما يهم الناس ضعف في اداء المسئولية وعدم احترام لشرف المهنة، الذي ينادي بأن مصلحة الناس تعطى الاولوية في كل شأن. لذلك وجب عليهم التعامل مع المشاريع التي يديرونها وتمس حياة الناس (كالمشاريع التي تتطلب حفريات الشوارع واقفال بعضها، وتحويل المسارات، او المشاريع التي توثر على الجيران بأي شكل من الاشكال)، وهم يضعون في اعينهم تقليل الاضرار، وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن ان تساعد على ذلك:

 

–         التدقيق في ضمان استكمال جميع وثائق المشروع وتصميماته جاهزة ومعتمدة قبل البدأ في العمل.

–         التدقيق في تأهيل واختيار المقاولين القدرين على تنفيذ الاعمال في اوقاتها المحددة وبالجودة المطلوبة، وان تشمل اجراءآت التأهيل التأكد من توفر الايدي العاملة المطلوبة للمشروع وكذلك المعدات اللازمة، وذلك للعمل على مجموعات وساعات عمل اطول لضغط جدول المشروع والانتهاء من الاعمال في اسرع وقت ممكن وذلك لتقليل الاضرار على السكان.

–         التخطيط الجيد للمشاريع قبل بدأ التنفيذ، وانهاء جميع اعمال التقديمات والتراخيص والتخطيط لتجهيزات الموقع وأماكنها، ووضع المعدات، وتوقيت بدأ ونهاية العمل، والموارد البشرية التي ستعمل على انهاء المشاريع، والتوريدات ووصولها للموقع قبل بدأ العمل.

–         ضغط العمل في الجدول الزمني، بالتأكد اولا من توفر الموارد البشرية والمعدات الكافية لدى المقاول للعمل اطول ساعات ممكنه وفي جميع ايام الاسبوع، والعمل على ورديات.

–         توزيع العمل على مراحل، والانتهاء من كل مرحلة قبل بدء المرحلة التي تليها للتقليل من الاضرار والاغلاقات التي يعاني منها اصحاب المحلات والسكان من جراء إغلاق الشوارع بشكل مستمر وكلي  والعمل ببطء تُقتل معه مصالح الناس ويقضي على راحتهم حتى انتهاؤه.

–         الاشراف الدقيق على تنفيذ المشروع والمراقبة الدقيقة بشكل ليس يومي فقط، ولكن بالساعة، وذلك لدفع المقاول والاستشاري على حل اي عقبات تعترض المشروع.

–         تهيئة السكان المتضررين وابلاغهم بشفافية بالجدول الزمني، واشعارهم بخطط إدارة المشروع وجهودها لانهاء المشروع وتقليل الاضرار، وهذا يُفيد في تفهم السكان للعمل وتعاونهم مع الجهة المالكة وصبرهم لحين الانتهاء.

 

واود ان اشير هنا الى ضرورة التنسيق لإنجاز الاعمال التي تتم في الشوارع في وقت واحد، مهما تعددت الجهات، واعرف ان لدى وزارة الشئون البلدية والقروية ادارة لتنسيق المشروعات، هدفها التنسيق بين الجهات المختلفة لتنفيذ المشاريع وضمان عدم التعارض وتقليل الاضرار. وقد أصدرت الوزارة دليلا لوسائل التحكم المروري في مناطق العمل بالتعاون مع الجهات التي يهمها هذا الامر، وقد اشارت في هذا الدليل الى أهمية التقليل من الإزعاج والإرباك ومن الحوادث المرورية والآثار السلبية المتوقعة في مناطق العمل وما حولها أثناء إنشاء أو صيانة أعمال المرافق.

 

 

إن اصعب ما نراه، هو الاهمال في تنفيذ المشاريع التي داخل المدن، يبدأ المشروع، ولا ينتهي، وترى الحواجز والزحمة التي لا تنتهي، ولا عمال ولا معدات بالاسابيع. أين الجهات المسئولة عن هذه المشاريع؟ اذا كان هناك خلل فيجب معالجته بسرعة ، لكن لا يجب بأي حال من الاحوال التضييق على الناس في ارزاقهم بقطع سبل الوصول الى محالهم التجارية لأشهر متتالية. كما لا يجب تعكير حياة الناس بمعدات وحفر تبقى مفتوحه تعرضهم وممتلكاتهم للمخاطر. وهي فرصة لإيصال رسالة هامة في ادارة المشاريع، ان لكل مشكلة حل، وان من لا يستطيع الحل يجب ان لا يبقى في ذات المنصب.

 

 

فيصل الفديع الشريف

الرياض

 

 

 

 

تاريخ الاضافة : Sat 23 Oct 2021 عدد المشاهدات : 683 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب