د. أحمد يحيى محمد جمال الدين راشد
ليست الدراسات المستقبلية ومستقبل مصر مجرد ضرورة نظرية، ولكنها قضية جيل لابد أن يجتهد ويفكر ليؤدي مسئوليته نحو أجيال المستقبل. وعلي مدي سنوات تنوعت مشروعات ذات صبغات قومية، بدأت بتوقعات متفائلة وانتهت بنتائج محدودة أو إحباط. ومع أن قدرات مصر متجددة ومستمدة من جذورها الحضارية ومن طاقات الإنسان المصري إلا أن التفكير في المستقبل يجب أن يتعدى مراحل التجربة والخطأ التي تستنفذ الطاقات، وأن تكون خطواتنا مدروسة ومخططة وبنوع من شراكة الأطراف للوصول إلي تنمية مستقبلية ومستدامة. ومؤخرا ظهر مشروع توشكي كمشروع الدولة القومي الذي تحفز له كل طاقاتها لتفعيله. والسؤال: هل توشكي مستقبل مصر؟ أم يستنزف المقدرات الحالية والمستقبلية. وهل تم الاستناد إلى دراسات واقعية، علمية وعملية في صناعة القرار، وهل تتواكب القرارات مع معدلات التغير الذي نعيشه في مرحلة العولمة، وما يستتبعه من تغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وصار المشروع بين متحمس ومتحفظ، ومؤيدا ورافضا، ليثار التساؤل: هل بمقدور مصر أن تعمل وتنمو في إطار الوادي القديم وحده تاركة 95% من مساحتها معطلا؟ وماذا يحدث بعد ربع قرن بدون مشروع توشكى. والإجابة: أن مصر لا تستطيع ذلك ولا تتحمله والمشروع وفقا للوضع الحالي ضرورة حياة لمستقبل الغد، وليس مجرد ارض جديدة تضاف إلي حيز المعمور أو مشروع نهضة تستوعب مختلف مجالات النشاط إنتاجيا وخدميا أو أداة لإعادة توازن إلي خريطة مصر سكانيا وعمرانيا واقتصاديا، إنما بالإضافة لذلك مجال فسيح بكر للبناء والتنظيم والاستثمار علي قواعد جديدة بلا قيود مكانية. ليشمل أنشطة إنتاج وخدمات وبنية أساسية وقيام مجتمعات عمرانية جديدة علي أسس تخطيطية صحيحة من حيث تشييد المساكن والمستشفيات ووحدات العمل ويتلاءم مع الطبيعة المناخية للمنطقة. وعليه فإن مشروع توشكي ومستقبل مصرلا يمكن أن يترك للقوى التلقائية أو لمصادفات تاريخية، مع التأكيد أن فكر الوادي القديم بمشكلاته وأمراضه لا يناسب مستقبل المجتمع الجديد، وإذا لم يسارع فكر المعماري المصري برسم صورة مستقبلية مرغوب فيها لمجتمعهم من منظور مصلحة مصر، فسيتولى الآخرون تلك المهمة عنهم، ولكن مع فارق أساسي، وهو رسمهم مستقبل مصر طبقاً لمصالحهم، ولأن ما نعيشه اليوم من أرث الآباء والأجداد، فأنه من المسئولية أن نتدارس ما يمكن أن يرثه منا الأبناء والأحفاد والدور الذاتي للجيل الحالي. ومسئولية المعماري واجبة ومثبته في هذه المرحلة، ولا يمكن أن يتخلى عن دوره أو قيادته في خلق البيئة العمرانية المستقبلية واستدامتها في فكر ووجدان طفل اليوم، رجل المستقبل.
____________________________________________________________
للإطلاع على كامل البحث .. يمكن زيارة الرابط هنا ..
اترك تعليقاً