قضية وفائدة – قضية رقم (02)

د. عبدالرحمن بن سالم باقيس

 

دعوى إثبات فسخ عقد مقاولة وإلزام المدعى عليها بإعادة المبالغ الزائدة عن استحقاقها الفعلي

 

تاريخ القضية: 1445هـ الموافق 2023م

 

ملخص صحيفة الدعوى: تعاقد المدعي مع المدعى عليه على أن يقوم المدعى عليه (المقاول) بتنفيذ أعمال مقاولة عبارة عن مقاولة إنشاء وذلك في تنفيذ البنية التحتية لمخطط … كذا … (المرحلة الاولى) في مدة (360 يوم) ، ابتداءً من تاريخ ….. كذا …..، وقد كان الاتفاق على مبلغ قدره (٢٠٠,٨٣٢,٩٠١.٠٠ ريال)، وقد بلغت تكلفة الأعمال المنفذة (١٤٠,٢٩٢,١٢٩.١٠ ريال) سددت بالكامل، وحالة المشروع متوقف في الوقت الحالي، علماً أن نشوء الحق كان بتاريخ ….. كذا …..، ونشأ بسبب هذه العلاقة التجارية التالي: ١- استلمت المدعى عليها أرض المشروع للمرحلة الأولى وبدأت في تنفيذ الأعمال المتفق عليها، إلا أن موكلتنا تفاجأت بالإعلان الصادر بتاريخ ….. كذا ….. عن أمين الإفلاس بخصوص صدور الحكم القضائي عن الدائرة التاسعة في المحكمة التجارية ….. كذا ….. القاضي بافتتاح (إجراء إعادة التنظيم المالي للمدعى عليها)، وإعمالاً لأحكام اتفاقية العقد المبرمة بين الطرفين والتي تجيز لموكلتنا فسخ العقد مع المدعى عليها في حالة الإفلاس أو طلب إشهار الإفلاس. عليه فقد قامت موكلتنا بفسخ العقد معها، ومن ثم قام استشاري المشروع بحصر الأعمال المنفذة واصدار مستخلص تصفية نهائي تضمن استحقاق المدعى عليها النهائي للجزء المطور من المرحلة الأولى بمبلغ قدره (١٤٠,٢٩٢,١٢٩.١٠ ريال)، وإجمالي ما دفعته موكلتنا مبلغ (١٥١,٥٥٥,٨٧٩ ريال). عليه فإن المدعى عليه استلمت مبالغ زائدة عن استحقاقها الفعلي ودون عمل في مقابلها وقدره (١١,٢٦٣,٧٤٩.٩ ريال). ٢- خطأ المدعى عليه، المتمثل في (استلام المدعى عليه لأكثر من استحقاقه بناء على الأعمال المنفذة)، وذلك بتاريخ … كذا … ، مما تسبب بـ (أخذ المدعي عليه أكثر مما يستحق)، والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر (فسخ العقد واستحالة تنفيذه) ومقدار التعويض المطلوب (١١,٢٦٣,٧٤٩.٩٠ ريال). ٣- أضرار تقاضي متمثلة بفسخ العقد واستحالة تنفيذه مما أدى إلى (إلجاء موكلتنا للتقاضي وتعيين محامين للترافع)، وأطلب عن ذلك بمبلغ قدره (٢,٢٥٢,٧٤٩.٠٠ ريال).

كذلك تضمنت مذكرة وكيل المدعية صورة ضوئية لورقة على مطبوعات شركة … (استشاري ادارة المشروع – المعين من قبل المدعي) … بعنوان: (حساب استحقاق المقاول (المدعى عليه) عن الأعمال المنفذة في المرحلة الأولى)، وفي هذه الورقة عدد من البنود، ومنها: استحقاق المقاول النهائي للجزء المطوّر من المرحلة الأولى (١٤٠.٢٩٢.١٢٩.١٠ريال)، وفيها ختم منسوب … (استشاري ادارة المشروع – المعين من قبل المدعي) … ، كما تضمنت مذكرة وكيل المدعية عدداً من الأوراق وهي عبارة عن إيصالات تحويل من موكلته للمدعى عليها، والتي تدعي المدعية أنها المبالغ المسلّمة للمدعى عليها،

عليه يطلب وكيل المدعية الحكم بالآتي:

  1. إثبات فسخ العقد المبرم بسبب عدم التنفيذ واستحالة تنفيذه،
  2. إلزام المدعى عليها بإعادة المبالغ الزائدة عن استحقاقها الفعلي وقدرها (١١,٢٦٣,٧٤٩.٩٠) ريال.
  3. إلزام المدعى عليها بأتعاب المحاماة وقدرها (٢,٢٥٢,٧٤٩.٩٨) ريال).

رد المدعى عليها: أولاً: إن ما ذكرته المدعية من أنها تعاقدت مع المدعى عليها بتاريخ … كذا … من الباطن لتنفيذ المشروع المُسمى (المرحلة الأولى من أعمال البنية التحتية لمخطط … كذا …) حسب الشروط والمخططات والمواصفات فصحيح. إلا أنه لا صحة لما ذكرته المدعية من أنها دائنة للمدعى عليها بالمبلغ الذي تطالب به بلائحة الدعوى، وذلك لأن المدعية شركة لديها حسابات منتظمة وإدارة مالية لا تصرف أي مبلغ إلا بمستند صالح للصرف ومتسق مع ما أبرمته من عقود، والصحيح أن موكلتي المدعى عليها هي الدائنة للمدعية وفقاً لما يلي: ١ـ أغفلت المدعية الإشارة بلائحة دعواها إلى ملحق العقد الذي تم توقيعه بتاريخ … كذا … الذي يخص تخزين المواد والمعدات والذي تم الاتفاق فيه على أن تدفع المدعية للمدعى عليها (٧٠٪) من القيمة التعاقدية للبند وفقاً لجداول كميات المشروع. ٢ ـ كما أغفلت المدعية الإشارة بلائحة دعواها إلى أن قيمة الأعمال التي نفذتها المدعى عليها من أعمال المرحلة الأولى مبلغاً قدره (١٦٠٫٩٣٠٫٧٠٦ ريال)، وأنه بقي منه بذمة المدعية مبلغ (٢٠٫١٧٩٫٧١٥ ريال)، على الرغم من أنه معتمد من إدارتها المالية بموجب مُستخلصات مضى عليها حوالي عشر سنوات. ٣ ـ كما أغفلت المدعية الإشارة بلائحة دعواها إلى العقد المبرم بينها وبين المدعى عليها … كذا … لتنفيذ المرحلة الثانية من أعمال تطوير مخطط … كذا … ، وذلك لقاء مبلغ مقطوع قدره (١٣٠٫١٣٦٫٥٥٠ ريال). ثانياً: حصل خلاف بين مالك المشروع والمدعية التي طلبت من المدعى عليها التوقف عن العمل والإبقاء على العمالة والمعدات في المشروع حتى لا يقوم مالك المشروع بسحبه من المدعية، فأجابتها المدعى عليها لطلبها، وتحملت لذلك نفقات باهظة، تفصيلها كالتالي: ١ـ نفقات على العمالة مبلغاً قدره (٢٠,٣٣٢,٩٢٩ ريال). ٢ـ نفقات على المعدات مبلغاً قدره (٩,١١٠,١٣٠ ريال). ومما يثبت أن المدعية كانت مدينة للمدعى عليها أنها أرسلت لها خطاباً برقم … كذا … وتاريخ… كذا … أقرت بموجبه بأنها مدينة للمدعى عليها بمبلغ (٢٣.٩٩٥.٤٩٠.٥٠ ريال)، بينما كان آخر دفعة سددتها المدعية للمدعى عليها كانت بتاريخ … كذا …. خامساً: تم إنجاز أعمال معتمدة في المرحلة الثانية من المدعية بقيمة قدرها (١٠٫١٢٧٫٠٧٠ ريال) كما هو ثابت بالمستخلصات المعتمدة للمرحلة الثانية، سادساً: سبق أن أخطرت المدعى عليها المدعية بسداد هذه المبالغ وفقاً للمادة (١٩/١) من نظام المحاكم التجارية تمهيداً لرفع دعوى ضدها لمطالبتها بهذه المبالغ إلا أن المدعية سبقت المدعى عليها لتحريك هذه الدعوى دون أن يكون لها حق. سابعاً: وأما ما زعمته المدعية بلائحة الدعوى من أنها سحبت المشروع من المدعى عليها عملاً بالمادة (٥٢) من الاتفاقية التي تجيز لها سحبه في حالة الإفلاس أو طلب الإفلاس فغير صحيح وذلك لما يأتي: ١ـ لأن المدعية سحبت المشروع لوجود خلافات بينها وبين مالك المشروع، وفق ما أسلفنا في البند ثانياً أعلاه. ٢ـ لأن المدعى عليها لم تشهر إفلاسها ولم تتقدم بطلب التصفية، وإنما تقدمت بطلب التنظيم المالي وهو وإن كان ينظمه نظام الإفلاس إلا أنه ليس إشهاراً للإفلاس ولا طلباً لإشهار الإفلاس. ٣ـ لأن طلب التنظيم المالي لم يتم لأن المحكمة التجارية أصدرت حكمها بإنهاء الإجراء بالصك المؤرخ في … كذا … المؤيد من محكمة الاستئناف. لذلك فإن قيام المدعية بفسخ العقد في غير محله الشرعي أو النظامي أو العقدي، خاصة وأن المدعية هي التي تسببت بوقف أعمال المشروع، إضافة إلى أن الحصر الذي قام به استشاري المشروع بما يخالف ما ذكرناه لا يعتد به لأن المدعى عليها لا تعلم عنه شيئاً، ومن جهة أخرى فهو يخالف المستخلصات المعتمدة من الاستشاري نفسه، ومن الإدارة المالية للمدعية، والصحيح أن المدعية دائنة للمدعى عليها بمبلغ إجمالي قدره (٥٩٫٧٤٩٫٨٤٤ ريال)، وفق التفصيل الذي ذكرناه في البند ثانياً أعلاه، والتي تحتفظ المدعى عليها بحقها بمطالبة المدعية به. ولا تفوتنا الإِشارة إلى أن استشاري المشروع المعتمد من مالك المشروع هو شركة … (استشاري الاشراف على التنفيذ– المعين من قبل مالك المشروع) … ، وتقاريرها هي المعتمدة في الصرف، وأما شركة …كذا… فهي مدير المشروع المعين من قبل المدعية، وهما طرف واحد، وتقاريرها ليست هي المعتمدة، الأمر الذي يجعل الاكتفاء بمقارنة تقاريرها بمدفوعات موكلتي لا يوصل للحقيقة المطلوبة، وإنما يجب أن يكون بالمقارنة مع كافة مستندات الطرفين. 

 

عليه يطلب وكيل المدعى عليها الحكم بالآتي:

  1. نطلب من الدائرة الموقرة الحكم برفض دعوى المدعية،
  2. وإلزام المدعية بالتكاليف القضائية وتكاليف الخبرة،
  3. وإلزام المدعية بأتعاب محاماة بمبلغ قدره مليون ريال.

وبعد دراسة الدائرة للقضية:

  1. وباطلاع الدائرة على ما سلف، فقد رأت حاجة القضية إلى ندب خبير محاسبي ينظر في المبالغ المدفوعة من المدعية للمدعى عليها، ومقارنتها باستحقاقات المدعى عليها الواردة في تقرير (استشاري الاشراف على التنفيذ)، والنظر في طلب المدعية في هذه الدعوى، والخلوص بنتيجة نهائية في ذلك.
  2. وبتأمل الدائرة في دعوى المدعية، فقد ظهر تناقض من حيث تأسيس المطالبة على هذا الخطاب وغيره، فطلب المدعية في هذه الدعوى متعلق بالمرحلة الأولى، والمدعية-من خلال صحيفة دعواها- تدعي أنه وخلال تنفيذ المرحلة الأولى تفاجأت بافتتاح إجراء من إجراءات الإفلاس في حق المدعى عليها، ما حدا بها إلى سحب الأعمال حسب الخطاب المرفق، وتكليف استشاري المشروع بحصر الأعمال المنفذة تمهيداً لإصدار مستخلص نهائي، لكن الواقع الثابت في الخطابات أن سحب الأعمال متعلق بالمرحلة الثانية -كما هو نصّ الخطاب سالف الذكر-، كما أن الخطاب مؤرخ في (٢٩/٣/٢٠٢١م) وحصر الأعمال الذي يدعي وكيل المدعية أنه هو الحصر النهائي غير مؤرخ، وقد ادعى وكيل المدعية مجدداً-كما في مذكرته المقدمة بتاريخ ١٨/٢/١٤٤٥هـ – بأن حصر الأعمال كان في شهر ١١ من عام ٢٠١٨م، فعلى التسليم بصحة تاريخ الحصر فكيف يكون الحصر سابقاً على الخطاب-المؤرخ في ٢٩/٣/٢٠٢١م- الذي تقرّر بموجبه إعداد الحصر، كما أن نصّ الخطاب المشار إليه تناول المرحلة الثانية من المشروع دون أي إشارة للمرحلة الأولى ولو كان للمدعية مستحقات متعلقة بالمرحلة الأولى فلماذا لم تثبتها أو تطالب بها أو تشر إليها إشارة أثناء تلك الفترة، وقد واجهت الدائرة وكيل المدعية بذلك.

ملخص تقرير الخبير:

وفيه أشار الخبير إلى تعذر إبداء رأي فني قاطع نظراً لتوقف ذلك على التحقق من استشاري المشروع عن قيمة الأعمال المنجزة، فقد ورد في تقرير موقع ومختوم من استشاري المشروع -غير مؤرخ- بأن قيمة الأعمال المنفذة بلغت (١٤٠.٢٩٢.١٢٩.١٠ريال)، في حين أنه يوجد مستخلص برقم (١٤) وتاريخ ٢٦/٨/٢٠١٤م موقع ومختوم من استشاري المشروع، وفيه أن قيمة المنفذ حتى تاريخه من المقاول هو (١٤٧.٤٩٨.٢٣١ريال)، وعليه، ولتوقف الفصل في هذه القضية على بيان هذه المسألة.

ملخص رأي الدائرة القضائية:

بناء على الوقائع سالفة البيان، وبما أن دعوى المدعية متعلقة بمبالغ تخص تعاقد المدعية مع المدعى عليها، وعملت المدعى عليها مقاولة في أعمال البنية التحتية في ذلك المشروع، وفي موضوع الدعوى، فقد سمعت الدائرة دعوى المدعية ورصدت بينتها، ثم لم يحضر من يمثل المدعى عليها في الجلسة الاولى والثانية رغم تبلغها، فقد سارت الدائرة في إجراء الإثبات على هذا الأساس وندبت خبيراً محاسبياً للنظر في المبالغ المحولة من المدعية للمدعى عليها ومقارنتها مع المستخلص المقدم من المدعية، وحيث حضر ممثل المدعى عليها أثناء إجراء الخبرة، وقدم مذكرة رد أنكر فيها استحقاق المدعية لما تطالب به، وادعى أن المدعى عليها دائنة للمدعية بمبالغ مالية، وطلب رفض هذه الدعوى واحتفظ بحق موكلته في المطالبة بمستحقاتها بدعوى أخرى، وذلك بعد الإقرار بصحة التعاقد الموصوف في دعوى المدعية، وحيث تعذّر على الخبير المحاسبي إبداء رأي فنّي قاطع حسب ما ورد في تقريره بناء على وجود مستندين متعارضين صادرين عن نفس الجهة، كذلك فقد نازعت المدعى عليها في صحة أن شركة …كذا… هي استشاري المشروع، وحيث جرى من الدائرة الكتابة إلى مالك المشروع للاستعلام عن مقدار وقيمة الأعمال المنفذة من المدعى عليها في المرحلة الأولى من المشروع، فوردت إجابة الهيئة بعدم توافر أي بيانات لديها عن ذلك، وبنظر الدائرة في بينة المدعية ودعواها، وحيث تمسك وكيل المدعية بتقرير منسوب لشركة استشارية هي …كذا…، عنوانه (حساب استحقاق المقاول عن الأعمال المنفذة في المرحلة الأولى)، وفيه بند: (استحقاق المقاول النهائي للجزء المطور من المرحلة الأولى: ١٤٠.٢٩٢.١٢٩.١٠ريال)، وقد جاء هذا التقرير خالياً من أي تاريخ أو إشارة إلى وقت، وحيث ادعى وكيل المدعية أن تاريخ هذا التقرير في شهر ١١ من عام ٢٠١٨م، وعلى فرض التسليم لوكيل المدعية بصحة تاريخ هذا الحصر، فقد ظهر للدائرة عدم انسجام ذلك مع دعوى المدعية، إذ المدعية تدعي أنها أشعرت المدعى عليها بالفسخ وأبلغتها بتكليف استشاري المشروع بحصر الأعمال المنفذة بموجب خطاب كان بتاريخ (٢٩/٣/٢٠٢١م) كما هو مرفق، فكيف يكون الحصر سابقاً على الخطاب المقرّر له، كما أن الخطاب المشار إليه متعلق بالمرحلة الثانية من المشروع، دون أي إشارة للمرحلة الأولى ولو كان للمدعية مستحقات متعلقة بالمرحلة الأولى فلماذا لم تثبتها أو تطالب بها أو تشر إليها إشارة أثناء تلك الفترة، لا سيما وأن المدعية تعلم أن المدعى عليها تحت وطأة إجراء من إجراءات الإفلاس، وحيث واجهت الدائرة وكيل المدعية بذلك كما في الجلسة المنعقدة بتاريخ (١٥/٤/١٤٤٥هـ) فأجاب بأنه لم يكن هناك حاجة للمحاسبة الدقيقة لأن المديونية ترحل بالاتفاق والثقة المتبادلة بين الطرفين، وأنه بعد إعلان الإفلاس فسخت المدعية العقد بناء على الشرط المتفق عليه في العقد وأقيمت هذه الدعوى للمحاسبة فيما يخص المرحلة الأولى، وعليه فلم ترَ الدائرة في جواب وكيل المدعية ما يدفع التناقض الوارد.

وحيث قدمت المدعى عليها في سبيل إثبات موقفها في هذه الدعوى صورة لخطاب مؤرخ في …كذا…، صادر من المدعية إلى المدعى عليها ويخلص هذا الخطاب الى أن المدعى عليها لها رصيد لدى المدعية بمبلغ وقدره ٢٢.٩٩٥.٤٩٠ريالا كما وقد جدول المدعي السداد لهذه المديونية. وحيث أجاب وكيل المدعية عن هذا الخطاب عن موضوع الخطاب بأنه متعلق بالمرحلة الثانية، وقد واجهت الدائرة وكيل المدعية بأن نصّ الخطاب تناول صراحة الإشارة إلى العقد المبرم لتنفيذ أعمال المرحلة الأولى والثانية، فأجاب بأن الإشارة التي في بداية الخطاب هي إلى جملة التعاقدات بين الطرفين فقط، ولم يتضمن الخطاب إقراراً بأن المبالغ الواردة فيه تخص المرحلتين، ثم ادعى وكيل المدعية أن هذا الخطاب صدر من موكلته للمدعى عليها بناء على طلب المدعى عليها بسبب أنها كانت مدينة لأحد البنوك وطلبت هذا الخطاب لطمأنت البنك، وكرّر أن المبالغ الواردة في الخطاب تخص المرحلة الثانية، وفي نظر الدائرة إلى جواب وكيل المدعية هذا، فلم يظهر وجاهته، ذلك أن إعمال الكلام أولى من إهماله، وإذا نصّ في الخطاب على المرحلة الأولى والثانية فلا يسوغ تخصيص واحدة منهما دون الأخرى إلّا بمخصص صريح، وهو ما لم يقدمه وكيل المدعية، كما أن قرينة سكوت المدعية عن حقها بالرغم من أن آخر تحويل قامت به للمدعى عليها وادعت أنه يخص المرحلة الأولى كان في (٤/٩/٢٠١٦م)، وهي مدة طويلة، وقد أعقبها تواصل بين الطرفين لم تقدم المدعية ما يفيد مجرد تمسكها بحقها الذي تدعيه في هذه الدعوى، فضلاً عن الإقرار بوجود مبالغ في ذمتها بتاريخ لاحق على ذلك كله كما سبق الإشارة إليه، لذا فإن الدائرة تنتهي إلى رفض هذه الدعوى على النحو الذي جعلته المدعية سبباً لاستحقاقها ما تدعيه، على اعتبار أن حق الجميع محفوظ بالمطالبة قضاء بأي حق يثبت موجبه وفق النظر الشرعي والنظامي المعتبر، أمّا طلب المدعية في هذه الدعوى فهو مرفوض للأسباب المذكورة سلفاً، وعليه فقد أصدرت الدائرة حكمها بالمنطوق الآتي:


حكمت الدائرة: حكمت الدائرة برفض هذه الدعوى. 

 

صيد الفوائد:

  1. نرى في هذه القضية انها تتعلق بأمور هامة في إدارة عقود التشييد لابد من التنبه لها أولا باول وعدم اغفالها الى وقت لاحق، وهي كالتالي:
    • المخاطبات لابد ان تكون دقيقة في عنوانها وفي موضوعها وفي تاريخها لما لها من تأثير على الالتزامات او بيان الحقوق او الاستناد اليها عند نشوء النزاع. وإذا تبين وجود خطأ في أحد المخاطبات فيجب كتابة خطاب تصحيحي فورا من باب تبيان الخطأ وتصحيحه وعدم اهماله بحجة ان المخاطبة قد تمت او انه قد أفهم شفهيا الطرف الآخر عن الخطأ.
    • ومن الممارسات الجيدة وجود من يقوم بالمراجعة والتدقيق على المخاطبات والتأكد من عدم تعارض بعضها ببعض وضرورة ارشفتها حسب تاريخ اصدارها وحسب موضوعها. ترتيب هذه المخاطبات يسهل الرجوع إليها حال الحاجة الى ذلك كما يسهل سرد الوقائع لاحقا في حالة التخاصم عند القضاء.
    • ضرورة وجود من يقوم بالمراجعة والتدقيق على المستخلصات المالية وضرورة ارشفتها حسب تاريخ اعتمادها. ترتيب هذه المستخلصات المعتمدة يسهل الرجوع إليها حال الحاجة الى ذلك كما يسهل سرد الوقائع لاحقا في حالة التخاصم عند القضاء. وإذا تبين وجود خطأ في أحد المستخلصات المالية فيجب كتابة خطاب تصحيحي فورا من باب تبيان الخطأ وتصحيحه وعدم اهماله بحجة ان المستخلص قد اعتمد او انه قد أفهم شفهيا الطرف الآخر عن الخطأ وسيصحح لاحقا.
    • اعتماد المستخلصات وعمل التقارير الدورية لابد ان تكون مع ذو الصفة القانونية والتعاقدية وما ينشأ عنها من مخاطبات لابد ان يمتثل للصفة القانونية والتعاقدية.
    • التصفيات والمحاسبة النهائية لابد ان تتخذ في وقتها تبعا لمراحل المشروع ولا يصح تأجيل ذلك، كما ان المراجعة المالية للحساب بين الاطراف لابد ان يكون بشكل دوري وان توثق كتابيا بين الاطراف ليعرف كل طرف ما له وما عليه ولا يصح تأجيل ذلك لما يعرض الاطراف الى مخاطرة النزاع بحكم طول الفترة دون تصفية أو مراجعة مالية. فاستحداث نقاط للمراجعة المالية واعتماد حساب مالي بين الاطراف الى تاريخه يعتبر من الممارسات الجيدة.
  2. نلاحظ ان المدعي أجاب في أحد مذكراته “ بأنه لم يكن هناك حاجة للمحاسبة الدقيقة لأن المديونية ترحل بالاتفاق والثقة المتبادلة بين الطرفين وان الدائرة لم ترى وجاهة لرده، بل لامته على عدم اثبات حقه -ان كان له حق- في الوقت المناسب، فقالت الدائرة فلماذا لم تثبتها أو تطالب بها أو تشر إليها إشارة أثناء تلك الفترة“. وهنا يؤكد أهمية ان لا تكون الحجج مرسلة، وانما حقائق موثقة ويتم اثباتها والمطالية والاشارة اليها في الوقت المناسب. 
  3. نلاحظ ان المدعي أجاب في أحد مذكراته “أن هذا الخطاب صدر من موكلته للمدعى عليها بناء على طلب المدعى عليها بسبب أنها كانت مدينة لأحد البنوك وطلبت هذا الخطاب لطمأنت البنك“. ونقول هنا هذه من الاشكالات التي تتكرر للأسف فهي ممارسة خاطئة عادة ما يندم أحد الاطراف عليها، حيث انها تكون مبنية على غير الحقيقة ولتحقيق مصلحة آنية كما انها لا تخلو من احتماليات تجاوز اخلاقيات المهنة.
  4. ملاحظ قول الدائرة “كما أن قرينة سكوت المدعية عن حقها بالرغم من أن آخر تحويل قامت به للمدعى عليها وادعت أنه يخص المرحلة الأولى كان في (٤/٩/٢٠١٦م)، وهي مدة طويلة، وقد أعقبها تواصل بين الطرفين لم تقدم المدعية ما يفيد مجرد تمسكها بحقها الذي تدعيه في هذه الدعوى” وهذا يشير الى أهمية التوقيت في رفع المطالبات واثبات الحقوق.

أخيرا أتمنى ان تكون الدروس المستفادة من هذه القضية مفيدة وان تكونوا استمتعتم بسردها، وأعتذر عن الإطالة، ولكن حاولت قدر المستطاع ان اختصر اختصاراً غير مخل بفهم القضية ووقائعها. ولكم حرية التفاعل والتعليق لإثراء النقاش.

والى اللقاء مع استعراض القضية اللاحقة قريبا ان شاء الله. ودمتم بخير. 

 

المصدر: البوابة القضائية العلمية

محكمة: المحكمة التجارية

رقم القضية – القرار: ٤٥٣٠٥٦٩٥٢١

تاريخها: ٢٦/٤/١٤٤٥

 

https://sjp.moj.gov.sa/Filter/AhkamDetails/71238

 

تم النشر على منصة لينكد ان على الرابط التالي:

 

https://www.linkedin.com/posts/dr-abdulrahman-bageis_%D8%A5%D8%AB%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D8%B3%D8%AE-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D9%88%D8%A5%D9%84%D8%B2%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B9%D9%89-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-activity-7205519054378274816-xagt?utm_source=share&utm_medium=member_desktop&rcm=ACoAAAeif9EBbhnXw5R0eqN8_XvD7yaygcmE2lc

 

 

تاريخ الاضافة : Fri 2 May 2025 عدد المشاهدات : 65 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب