المهندس/ محمد مكي
Mohamad A. Makky, P. Eng., M. Eng
Project Directore at SNC-Lavalin
هناك من يتساءل عن الجدوى من تعيين مدير مشروع عند تنفيذ المشاريع وما إذا كان ذلك مضيعة للمال وإنفاق للميزانية دون مردود مجدي. الواقع هو أن تنفيذ المشاريع دون إدارة جيدة يؤدي إلى ما يتخوف منه المتسائلون من ناحية التوفير والإقتصاد على الرغم من أنه لا جدال بأن تكاليف إدارة المشاريع تشكل نسبة مهمة من إجمالي ميزانية مشروعٍ اذ أنها قد تصل إلى الخمس.
وجود إدارة ناجحة للمشروع يعني بالإضافة للحفاظ على أهداف المشروع الرئيسية من ناحية نطاق العمل والجدول الزمني والميزانية (أو ما يعرف بمثلث الجودة) إذ إن هكذا إدارة تضمن توحيد الرؤية بين العميل أو المستخدم النهائي وفريق التنفيذ ويخلق رؤية للنجاح ويضع الجميع على نفس الصفحة لما هو مطلوب للبقاء على المسار الصحيح. عندما تتم إدارة المشروع بشكل صحيح يكون هناك تأثير إيجابي يتردد صداه إلى ما بعد التسليم والتشغيل.
إدارة المشاريع مهمة لأنها تجلب القيادة والتوجيه للمشاريع. بدون إدارة المشروع يمكن أن يكون الفريق مثل السفينة بدون دفة تتحرك ولكن دون توجيه أو سيطرة أو غرض. القيادة تمكن للفريق بالقيام بعمله الأفضل. توفر إدارة المشروع القيادة والرؤية والدافع وإزالة حواجز الطرق والتدريب وإلهام الفريق للقيام بعملهم الأفضل. يخدم مديرو المشروع الفريق ولكنهم يضمنون أيضًا خطوطًا واضحة للمساءلة. مع وجود مدير مشروع في مكانه لا يوجد أي تشويش حول من هو المسؤول والتحكم في كل ما يحدث في المشروع. يقوم مديرو المشروع بفرض العملية وإبقاء الجميع في الفريق متفقين أيضًا لأنهم في النهاية يتحملون مسؤولية ما إذا كان المشروع قد فشل أو نجح. حيث أن الإدارة العليا للمؤسسات والشركات من رجال الأعمال ومسؤولين تنفيذيين تنشغل بالمسؤوليات اليومية لإدارة العامة يصبح من الأهمية بمكان إيلاء مسؤولية الإشراف على مشاريع الشركة إلى مدراء للمشاريع محترفون ومتخصّصون. وذلك يساعد على تنفيذ المشاريع في الوقت المحدد وضمن حدود الميزانية وبأقل قدر من الاضطراب لبقية الأعمال. الفوضى تحصل بشكل طبيعي في بيئة المشاريع وتتمثل الوظيفة الأساسية لإدارة المشروع في تنظيم وتخطيط النشاطات والمهام لترويض هذه الفوضى. هذا التنظيم يضمن الوصول إلى النتائج المرجوة من المشروع في مسار واضح تم تحديده من البداية إلى النهاية.
توفر الإدارة الفعالة للمشاريع للشركات ميزة تنافسية لأن من الممكن أن تكون مجالات المشاريع ليست من الأختصاصات التي يعرفها أصحاب الأعمال والقيادة العليا للشركة الذين يسعون باستمرار من أجل البقاء في دائرة التنافس. وهنا تساعد إدارة المشاريع صاحب العمل عن طريق استخدام الخبراء في المجالات المطلوبة أما صاحب العمل فله أن يكتفي بالعمل كمستشار للمشروع. يمكن لمدير المشروع تقسيم أي مشروع إلى أقسام أصغر وتوفير جداول زمنية ومقاييس تتعلق بالنجاح تساعد صاحب العمل على تحديد الجدوى الحقيقية للمشروع.
ينظر مدير المشروع في نطاق المشروع وما إذا كان يتحرك إلى الأمام في مهمته ورؤيته. على الرغم من أن الشركات يجب أن تسعى جاهدة للتفكير الجديد والمبتكر ، فإذا لم تتوافق مع مهمة الشركة ، فإن مدير المشروع يعمل مع قادة الأعمال إما لتغيير النطاق أو إنهاء المشروع قبل تخصيص موارد إضافية له. يمكن لمديري المشاريع المساعدة في تقليل تمدد أو زحف نطاق المشروع عندما يبدأ نطاق المشروع في الابتعاد عن الخطة الأصلية.
تعتبر إدارة المخاطر من المعارف الأساسية المطلوبة في إدارة المشاريع وكذلك إدارة عمليات المؤسسة بشكل عام. وهي من العوامل الحاسم في نجاح المشروع لأنها تضمن مراقبة المخاطر بشكل صحيح وتخفيفها لتجنب أن تصبح مشكلات. إن وجود إدارة المشاريع يجعل من إدارة المخاطر عملية أساسية من العمليات اليومية في المشروع مما يساعد على تحديد وإدارة وتخفيف المخاطر في الوقت المناسب. تتطلب الممارسة الجيدة لإدارة المشاريع أن يقوم مدير المشروع بتحليل دقيق لجميع المخاطر المحتملة للمشروع وتحديد حجمها ووضع خطة لتلافيها أو تخفيف أثرها ووضع خطة للطوارئ في حال تحقق أي منها. وبطبيعة الحال يجب إعطاء الأولوية للمخاطر وفقًا لاحتمالات حدوثها وتخصيص الاستجابات المناسبة لكل خطر. لذلك تعتبر إدارة المشاريع مهمة في هذا الصدد لأنها تضم وضع المخاطر ضمن التخطيط العام للمشروع.
سواء كان مدير المشروع موظفًا داخليًا أو تم التعاقد معه لغرض المشروع ، فإن هذا الشخص يعد جزءًا لا يتجزأ من التأكد من أن المشروع يقع في حدود الميزانية المحددة. بدون إدارة للمشروع يمكن أن يستغرق وقتًا أطول لتطويره وتنفيذه. الوقت هو المال ومعظم الشركات تستثمر في الموارد وتخصصها لتطوير أشياء جديدة. إذا لم تتم مراقبة المشروع بشكل صحيح ستضيع الموارد أو يساء استخدامها.
تتمثل إحدى الطرق التي يبقي بها مديرو المشاريع في خفض التكاليف في فهم الموارد اللازمة لأي مشروع واحد. العديد من مديري المشاريع المتعاقد معهم لأنواع محددة من العمل لديهم قائمة اتصال موثوقة من المقاولين لاستخدامها في أي مشروع. يجب أن يكون مدير المشروع قادرًا على تشكيل فريق معًا حسب الحاجة بناءً على نطاق وميزانية المشروع.
تعد إدارة المشروع مهمة لأنها تضمن متابعة تقدم المشروع والإبلاغ عنه بشكل صحيح. قد يبدو الإبلاغ عن الحالة مملاً وغير ضروري – وإذا كان كل شيء يبدو قابلا للتخطيط فقد يشعر وكأن هذه النشاطات تهدف إلى خلق وثائق من أجل الوثائق فقط. لكن الإشراف المستمر على المشروع والتأكد من أن المشروع يتبع بشكل صحيح الخطة الأصلية يعد أمرًا ضروريًا لضمان بقاء المشروع على المسار الصحيح. عند وجود الإشراف المناسب وإعداد التقارير عن المشروع فإنه يجعل من السهل معرفة متى بدأ المشروع في الانحراف عن المسار المقصود منه. كلما تمكنت من اكتشاف انحراف المشروع في وقت مبكركلما كان من الأسهل تصحيح المسار. سيقوم مديرو المشروعات الجيدون بإنشاء تقارير عن حالة المشروع قابلة للهضم بسهولة تمكن أصحاب المصلحة من تتبع المشروع. عادةً ما تقدم تقارير الحالة هذه نظرة ثاقبة على العمل الذي تم إنجازه وتخطيطه والساعات المستخدمة وكيفية تعقبها مقارنةً بالمخططات وكيفية تتبع المشروع في ضوء المعالم والمخاطر والافتراضات والقضايا والتبعيات وأي مخرجات للمشروع وكذلك العائدات. هذه البيانات لا تقدر بثمن ليس فقط لتتبع التقدم ولكن أيضًا تساعد العملاء على اكتساب ثقة أصحاب المصلحة الآخرين في مؤسساتهم مما يتيح لهم الإشراف السهل على تقدم المشروع.
إدارة المشاريع مهمة لأنها تضمن جودة كل ما يتم تسليمه. المشاريع هي أيضا عادة تحت ضغط هائل ليتم الانتهاء منها في الوقت المحجج حسب الجدول الزمني. بدون مدير مشروع متخصص لديه الدعم المناسب من الإدارة التنفيذية يتم عادة التقليل من أهمية بعض المهام وتضييق الجداول الزمنية مما يسبب نوعية سيئة في التنفيذ. تضمن الإدارة المخصصة للمشروع أن لدى المشروع الوقت والموارد اللازمة لإنجازه وأيضًا ضمان وتوكيد جودة التنفيذ في كل مرحلة. تتطلب الإدارة الجيدة للمشروع مراحل ذات بوابات حيث يمكن للفرق تقييم المخرجات من حيث الجودة والتطبيق والعائد على الاستثمار. تعد إدارة المشروع ذات أهمية أساسية لضمان الجودة لأنها تتيح عملية متدرجة ذات مراحل مما يوفر الوقت لفحص واختبار مخرجاتها في كل خطوة على طول الطريق.
تعتبر إدارة المشروع مهمة لأن شخصًا ما يحتاج إلى أن يكون قادرًا على فهم ما إذا كان الجميع يفعل ما ينبغي لهم فعله داخل المشروع. مع خبرة سنوات قليلة سيعرف مديرو المشاريع القليل عن الجوانب المتعلقة بتنفيذ المشاريع التي يديرونها. سيعرفون كل شيء عن العمل الذي تقوم به فرقهم والأنظمة الأساسية التي يستخدمونها والإمكانيات والقيود وأنواع المشكلات التي تحدث عادة. إن امتلاك هذا النوع من الخبرة في الموضوع يعني أن مدير المشروع قادر على التواصل بطريق ذكية ومستنيرة مع العملاء وفريق العمل وأصحاب المصلحة والموردين أي إنه مؤهل تمامًا ليكون محور الاتصال في المشروع مما يضمن لن يتم نسيان أي شيء أو تجاهله. بدون خبرة موضوعية في إدارة المشروع يصبح التنفيذ غير متوازن, مثلا قد تتجاهل التصميمات حدود التكنولوجيا أو ينسى المطورون الرؤية الإبداعية للمشروع. تحافظ إدارة المشروع على تركيز الفريق على الرؤية الشاملة ويجمع الجميع معًا في فرض الحلول الوسط المناسبة لإنجاح المشروع.
من النتائج الغير مباشرة لتطبيق إدارة المشاريع هي وجود إدارة للمعرفة على المشروع توثق الإنجازات والنجاحات وكذلك الإخفاقات. وهذا يسمح للمنظومة أن تتعلم وتكتسب الخبرة. من المهم عدم ارتكاب نفس الأخطاء مرتين. يستخدم مديرو مراجعات المشروع للنظر في الأمور التي تسير على ما يرام وما الذي لم يتم بشكل جيد وما الذي يجب القيام به بشكل مختلف في المشروع التالي. ينتج عن ذلك مجموعة قيمة من الوثائق التي تصبح سجلًا لما يجب فعله وما لا يجب فعله في المستقبل مما يمكّن المنظمة من التعلم من حالات الفشل والنجاح. بدون هذا التعلم ستواصل الفرق غالبًا ارتكاب الأخطاء نفسها مرارًا وتكرارًا. تعد هذه الاستعادات بمثابة مستندات رائعة لاستخدامها في اجتماع انطلاق المشروع.
تعتبر إدارة المشاريع مهمة لأنها توفر النجاح وبدونها تتعرض فرق التنفيذ والعملاء للإدارة الفوضوية والأهداف غير الواضحة والافتقار إلى الموارد والتخطيط غير الواقعي والمخاطر العالية والتسليمات ذات النوعية الرديئة وبالنهاية مشاريعا تتجاوز الميزانية ويتم تسليمها متأخرة. هل لديكم رأي أو تجربة عن أهمية إدارة المشروع؟ هل توافقون على ما ذكر أعلاه من محاسن إدارة المشاريع وهل هناك أي أسباب أخرى ينبغي أن تدرج؟ اتشوق لسماع ما تفكرون به!
مقال عن إدارة المشاريع تم نشره بتاريخ 4 سبتمبر 2019 ،،
يمكن زيارة الرابط على موقعه الاصلي بالضغط هنا ..
اترك تعليقاً