أسباب تعثر المشاريع – المقاول

د. فيصل الفديع الشريف

 

المقاول طرف رئيسي في تنفيذ المشاريع، وعليه تقوم غالبية المهام التي يجب القيام بها لإتمام المشروع، ولهذا فإن نجاح المشروع نجاح له، لكن نجاح المقاول لا يعني في كل الاحوال نجاح المشروع اذ ان الظروف التي قد تكون سببا في تعثر المشاريع كثيرة ومتعددة وقد لا يكون اللوم فيها على المقاول وحده. تعاقدياً، على المقاول ان يقوم بتنفيذ الاعمال محل العقد، ولهذا فإنه لا بد أن يكون جاهزاً بالموارد اللازمة التي تمكنه من تنفيذ بنود العقد. الموارد تشمل التمويل والموارد البشرية والفنية والادارية والمعدات والمواد اللازمة للتنفيذ، وهي المهمة الاصعب والاكثر تعقيدا في توفيرها خصوصا مع كبر حجم المشاريع وتعدد مستويات وبنود التنفيذ فيها وتعقيد عملياتها والانظمة الفنية التي تحتوي عليها.

من المشاكل الرئيسية التي تعاني منها صناعة الإنشاءآت سهولة دخول من يرغب فيها، حيث بإمكان من يريد ان يكون مقاولا، ان يكون كذلك بين عشية وضحاها، يجذبهم بريق الارباح، وتساعدهم سهولة الانظمة، وعلى هذا الاساس فإن كثير من المقاولين تنقصهم الخبرة او المعرفة في هذا المجال، وهم يتعلمون من التجربة والخطأ؛ والضحية هي المشاريع التي تتعثر والخدمات التي تتأخر. في المقابل، فإن الكثير من المقاولين حتى مع خبرتهم في المشاريع، تنقصهم ادوات الادارة التي تحكم هذا القطاع، فالمنافسة في الاسعار كبيرة، وقد لا يكون التسعير على اساس دقيق فيتأثر بذلك المشروع، والكثير منهم لا يهتمون بالتخطيط لأعمالهم، ولا يتبعون منهجيات ادارة المشاريع الاخرى في ادارة التنفيذ والمراقبة والتحكم. اما الادارة المالية فهي السبب الرئيس في تدني قدرة كثير من المقاولين على اتمام مشاريعهم في الوقت المحدد وضمن شروط العقد. في الوقت الذي تعتبر فيه الموارد البشرية عنصر التحدي الاكبر للمقاولين في بلد لا يوجد فيه عماله فنية محلية تعمل في هذا القطاع، مع مطالبة الجهات الرسمية بنسب صعبة التحقيق لتوطين الوظائف خصوصا للمقاولين اللذين تزيد اعداد عمالتهم لكبر حجم عقودهم او مقاولي التشغيل والصيانة التي تعتمد على العمالة الغير محلية بشكل كبير. فالمطلوب من المقاول ان يقوم بالعمل في الوقت الذي لا يمكنه فيه الحصول بسهولة على من يقوم بهذا العمل، وهي معادلة صعبة للغاية.

التخطيط الاستراتيجي عند غالبية المقاولين ضعيف ان لم يكن غير موجود. ومع ان نظام تصنيف المقاولين يهدف الى إسناد المشاريع فقط على من يمكنه القيام بها. الا ان غالبية المقاولين يحصلون على أعمال كثيرة (حتى لو كانت ضمن تصنيفهم) او كبيرة الحجم بحيث لا يمكنهم تنفيذها لعدم توفر الادارة او الخبرة او الموارد الكافية لذلك، ويستعينون بعمالة غير ماهرة أو بمقاولين من الباطن ليكون دورهم ادارة العقد بدلا من تنفيذ بنوده. وهي مهمة فيها الكثير من المخاطر، وغالباً ما يكون المشروع هو الضحية. والتخطيط عموما من الادوات المهمة لنجاح المشاريع، لكن غياب الاهتمام به عند المقاولين يجعل المشاريع عرضة للتعثر إما لقصوره او لعدم وجوده من الاساس. والتخطيط يسبق التنفيذ، ويكون الاساس الذي تتم عليه مراقبة المشروع  والتحكم فيه، ويشمل التخطيط للمشروع على جميع عمليات التخطيط بشكل متكامل لنطاق المشروع وتكلفتة وزمنه وموارده البشرية وجودته والاتصالات المتعلقة به وتوريداته ومخاطره، وكذلك التخطيط لما يتعلق بالسلامة والمطالبات الخاصة بالمشروع وبيئة المشروع وإدارته المالية، وذلك على اسس محددة ومعروفة للمختصين في إدارة المشاريع. فهل كل المقاولين يقومون بهذا؟.

_______________________________________________________________________________

مقال للدكتور / فيصل الفديع الشريف، نُشر في جريدة الاقتصادية، العدد 6704 الصادر بتاريخ 26 ربيع الأول 1433 الموافق 18 فبراير 2012

 

للإطلاع على المقال ،، إضغط هنا ..

 

تاريخ الاضافة : Mon 4 Oct 2021 عدد المشاهدات : 408 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب