أعلنت وزارة الصحة رغبتها في التواصل مع الشركات والمؤسسات المتعاملة معها في جميع المجالات؛ لمناقشة كل ما من شأنه تلافي ومعالجة المشاكل والمعوقات التي تعترض الصرف في حينه، وهي خطوة نعتبرها رائعة؛ لأنها تُمثل اعترافا بمشكلة تأخر صرف مستحقات المتعاملين، وتهدف للوصول لحل يُبنى على الترتيب والتنسيق مع المعنيين وتؤسس لتغيير واقع لا يتناسب مع متطلبات المرحلة التي يجب أن تعتمد على التعاون البناء الذي يكسب منه الجميع win-win strategies، وهو ما ذكرت به الوزارة باعتباره يأتي من توجيهات وزير الصحة وإيمان الوزارة بمبدأ الشراكة وحرصها على تعزيزه، حيث تكون هناك علاقة متميزة مبنية على الشفافية والنزاهة والأمانة والصراحة والوضوح مع الشركات والمؤسسات القائمة بتنفيذ ما تحتاج إليه المرافق الصحية من خدمات. وهو ما يُعتبر منعطفا يجب أن نسلكه جميعا في نظرتنا لكيفية تنفيذ المشاريع، اعتمادا على أن الجميع شركاء في العمل لكل طرف مصلحة يحرص الطرف الآخر على تحقيقها.
ذكرت الوزارة في الإعلان أن الشركات والمؤسسات التي تقوم بتنفيذ ما تحتاج إليه المرافق الصحية من خدمات سواء فيما يتعلق بتنفيذها أو تجديدها أو صيانتها أو تشغيلها أو توريد احتياجاتها، كلهم شركاء في الخدمة مع الوزارة؛ ولذلك فإنها ستقوم بتيسير أعمالهم وضمان انسيابيتها بما سينعكس إيجابا على الخدمة الصحية المقدمة. هذا التوجه المتقدم في فهم العلاقة يعتبر أساسا في نجاح المشاريع وتفادي تعثرها، وهو التوجه الذي وجدت الكثير يتحدثون عنه والقليل يطبقونه، وقد ناديت إليه في مقالة سابقة عن تعاون أطراف المشروع نشر في “الاقتصادية”، العدد 6634 الصادر في 10/12/2011، وتتلخص في أن على جميع الأطراف المؤثرين في المشروع أن يتعاملوا كما لو كانوا فريقا واحدا يدعم كلٌ منهم الآخر ويركزون على هدف رئيس واحد، وهو إنجاز المشروع في وقته المحدد وبالجودة المطلوبة وفي حدود التكلفة المقررة؛ لأن هذا هو الأساس الذي تُبنى عليه الشراكة الفاعلة.
لقد أحسنت وزارة الصحة في هذه الخطوة، ونأمل أن تكون بداية في تأكيد هذا التوجه في بقية الوزارات والإدارات الأخرى؛ لما فيه من تحقيق مصالح كثيرة، وإنفاذا لتوجيه خادم الحرمين الشريفين في اعتماد توصيات ندوة “أسباب تعثر تنفيذ المشروعات الحكومية وسبل معالجتها” والتي نظمها ديوان المراقبة العامة قبل عامين في سبيل معالجة أسباب تعثر وتأخر المشاريع وتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة وتلبية احتياجات المواطنين. والتي نصت إحدى توصياتها على تفعيل مضامين قرارات مجلس الوزراء بشأن دعم المقاولين. ويأتي التعاون مع المقاول والتعامل معه على أساس الشراكة كأحد أهم عوامل دعمه لتنفيذ المشروع.
الملاحظ في إعلان وزارة الصحة أنه يُركز على المشاكل والمعوقات التي تعترض الصرف في حينه، وهو جانب مهم في تذليل مشاكل ومعوقات كثيرة مرتبطة به، لكن الجانب المالي لا يمكن أن يكون الحل الوحيد بعيدا عن جوانب أخرى مهمة في المشاريع أهمها تأهيل الموارد البشرية لتستوعب هذه المبادئ وتعمل على تطبيقها. وإيجاد منهجيات إدارة المشاريع للعمل على أساس دقيق يشمل جميع جوانب المشروع ويغطي جميع مراحله ومتطلباته. كما أن الاهتمام بالعقود المطبقة سيوفر الكثير ويمهد للوصول إلى شراكة فاعلة مبنية على أساس العدل في التعامل والحرص على حقوق جميع الأطراف. وهنا لن يتكرر تعثر مشروع مستشفى بدر الجنوب الذي دام لأكثر من عشر سنوات، ولا مشروع مجمع نجران الطبي الذي طال انتظاره.
___________________________________________________________________________
مقال للدكتور: فيصل الفديع الشريف، نُشر في جريدة الاقتصادية، العدد 6683 الصادر يوم السبت 5 ربيع الأول 1433 الموافق 28 يناير 2012
للإطلاع على المقال .. إضغط هنا ..
__________________________________________________________________________________________________________________
يمكن الإطلاع على إعلان وزارة الصحة الوارد في المقال بالضغط هنا ..
اترك تعليقاً