فيصل بن الفديع الشريف
الميكرومنجمنت (Micromanagement) هو أسلوب إداري يتميز بمستوى عالٍ من الرقابة والتدخل المستمر من قبل المدير في تفاصيل العمل اليومي للموظفين. وغالبًا ما يُنظر إليه بشكل سلبي لأنه قد يؤدي إلى شعور الموظفين بالضغط وانخفاض الحافز والإبداع، إذ أن المدير يركز فيه على التحكم بدلاً من تمكين الفريق. ومن أبرز سمات هذا الأسلوب، التدخل في أدق التفاصيل، وانعدام الثقة بقدرات الموظفين، وفرض الرقابة الدائمة والمراقبة اللصيقة، وكذلك اتخاذ القرارات الصغيرة التي قد يتمكن الموظفون من اتخاذها بأنفسهم.
ومع ان إدارة التفاصيل الدقيقة يُمكن أن تكون مفيدة أحيانًا في المواقف الحرجة أو عند وجود موظفين غير متمرسين يحتاجون للإرشاد. لكن في معظم الحالات، يُفضل القادة أن يوازنوا بين الرقابة وبين تمكين الموظفين لتحقيق أفضل نتائج ممكنة. تبدأ فائدة أسلوب الميكرومنجمنت عند تولي المسؤوليات في وظيفة جديدة أو إدارة جديدة، بإعتبار ان المدير يحتاج في هذا الوقت إلى التدخل بشكل أكبر للتعرف على تفاصيل العمل وفهم العمليات والموظفين والقدرات المتاحة، وهذا الأسلوب المؤقت قد يسمح بفهم شامل للبيئة التنظيمية واتخاذ القرارات الصحيحة بشأن توزيع المهام وتفويض المسؤوليات لاحقًا.
على الرغم من أن أسلوب الميكرومنجمنت له سمعة سلبية بشكل عام، إلا أن هناك بعض الجوانب الإيجابية التي قد تكون مفيدة في سياقات معينة. منها التعلم السريع للمدير الجديد، والتأكد من دقة العمل وجودته والتركيز من الإدارة العليا على المهام الحرجة، وفيه إمكانية للتوجيه والإرشاد للموظفين الجدد بكفاءة، ويُمكن أيضا من التحكم في سير العمل في المراحل المعقدة. في الوقت نفسه، فإن هذا الأسلوب له عيوب واضحة قد تؤثر سلبًا على بيئة العمل والأداء العام للفريق. من أبرز هذه العيوب ما يُخلفه هذا الاسلوب من انخفاض في معنويات الموظفين، وقد يؤدي الى الحد من الإبداع والابتكار، ويزيد من الضغوط والتوتر ويُخفض مستوى الإنتاجية، ويسهم في فقدان الثقة سواء بين المدير وموظفيه او بين الموظفين انفسهم، بإعتبار ان بيئة العمل المتوترة التي يشعر فيها الموظفون بأنهم مراقبون باستمرار، تزيد من مستويات التوتر والقلق لديهم. ويبقى التحدي عند الحديث عن الميكرومنجمنت، متركزا في قدرة المدير على استخدام هذا الأسلوب بشكل مؤقت وفي ظروف معينة، بطريقة لا تؤدي إلى إحباط الموظفين أو إضعاف شعورهم بالاستقلالية، مع العمل على التحول التدريجي إلى أسلوب إدارة أكثر توازنًا يعزز من استقلالية الموظفين ويزيد من الثقة المتبادلة.
تم نشر هذا المقال في جريدة “إشراقة” التي تُصدرها كليات الشرق العربي، العدد 67 الصادر غرة شعبان 1446هـ، الموافق 31 يناير 2025م.
للإطلاع على كامل العدد “إشراقة 67” ،، إضغط هنا ..
اترك تعليقاً