التدفقات النقدية وتعثر المشاريع

د. فيصل الفديع الشريف

 

يعتمد نجاح إدارة أي مشروع على التوازن في التدفقات النقدية الخاصة به وحسن إدارة السيولة. وعندما يحتاج المالك إلى المشروع فإنه يدفع في سبيل تنفيذه قيمة العقد حسب تقدم الإنجار واعتماد المشرف. والمقاول المُنفذ ليس مطلوباً منه أن يقوم بتمويل المشروع، ولذلك يجب أن يحصل على مستحقاته بسرعة وبانتظام حتى يتمكن من تمويل عمليات المشروع. ويعتبر التأخر في صرف مستحقات المقاولين، وبذلك نقص التدفقات النقدية الواردة، سبباً رئيسا في تأخير المشاريع وربما تعثرها، كما أن التدفقات النقدية الصادرة ترهق المقاول إذا لم يكن فيها توازن مع التدفقات النقدية الواردة، وتوافر السيولة يدعم مدير المشروع لاتخاذ قرارات جريئة تركز على تفادي المخاطر، والصرف المبكر على الأعمال لتسليم المشروع في وقته المحدد. كما تعتبر عاملاً في تخفيض تكاليف المشروع، وبذلك زيادة ربحيته، وتُمكن التدفقات النقدية الإيجابية مدير المشروع من تغطية المشكلات العارضة لتجاوزها والتأكد من عدم تأثيرها في جدول أعمال المشروع. في الوقت الذي تؤثر فيه التدفقات النقدية السالبة بالسلب في المشروع بداية من تأخره عن الجدول الزمني لعدم قدرة المقاول على الصرف على بنود وأعمال المشروع، وزيادة التكاليف المتعلقة بالمشروع، وتضاعف المشكلات المتعلقة به، إضافة إلى الإحباط الذي يُصيب العاملين فيه، وبالتالي عدم رضا أطراف العقد وتأثر أصحاب المصالح بكل هذا.

ينتج نقص السيولة من عدم التوازن في المصروفات والإيرادات الخاصة بالمشروع، أي زيادة المصروف على المشروع عن المتحقق من إيراداته، وبالتالي يضطر المقاول إلى الصرف على المشروع إما من إيرادات مشاريع أخرى، وبذلك تتأثر جميع المشاريع التي لديه، وإما بالاستدانة لتمويل المشروع من المؤسسات التمويلية أو من أي جهات أخرى. كما أن ضعف الإدارة المالية عند المقاولين وعدم تمكنهم من إدارة التدفقات النقدية لمجموعة المشاريع التي لديهم يضعهم في حرج العلاقة مع أطراف العقد أو حتى مع المؤسسات التمويلية التي تدعمهم، حيث لا يتم التقدم بطلب رفع المستخلصات الخاصة بكل المشاريع بشكل منتظم، وتُستخدم التدفقات النقدية الواردة من مشروع أو مشروعين أو حتى عدة مشاريع في تغطية مصاريف كل المشاريع ومصاريف الشركة الإدارية الأخرى، وهي معادلة غير موزونة مصيرها الفشل مع الوقت. وربما يكون عدم تأهيل مديري المشاريع في النواحي المالية سببا في ضعف الإدارة المالية لدى المقاولين بشكل عام. كما أن هناك أسبابا تتعلق بالعقود والإشراف وصرف المستخلصات، فالصيغة المعتمدة حاليا لعقد الأشغال العامة لا تحترم التدفقات النقدية من الناحية التطبيقية، فما تدعو إليه العقود من تقديم مستخلص واحد على الأقل بشكل شهري لا يوافقه الإشراف ولا يعتمده، وما يعتمده الإشراف لا تأخذ به الإجراءات المالية طويلة المدى التي يتعرض لها المستخلص، والواقع يؤكد على وجود خلل كبير في كيفية اعتماد وصرف المستخلصات مما يؤدي إلى تأخيرها بالأشهر. في الوقت الذي توصد فيه الأبواب أمام المقاولين عندما يحتاجون إلى من يقوم بتمويل مشاريعهم، ويؤدي تأخر صرف المستخلصات وقصور المصادر التمويلية إلى خلل التدفقات النقدية وعدم توازنها، وبالتالي تأثيرها السلبي في المشروع. والحل ربما يكون في صرامة الإجراءات فيما يتعلق بالحد من تأخر صرف مستحقات المقاولين، ورفع مستوى ثقافة أطراف العقد ومديري المشاريع بالذات بالإدارة المالية للمشاريع سواء فيما يتعلق بتقدير التكاليف أو بالتدفقات النقدية أو بكيفية التحكم المالي بالتوافق مع الجداول الزمنية.

________________________________________________________________________

مقال للدكتور فيصل الفديع الشريف، نُشر في جريدة الاقتصادية، العدد 6641 الصادر يوم السبت 22 محرم 1433 الموافق 17 ديسمبر 2011 .

 

للإطلاع على مقال: التدفقات النقدية وتعثر المشاريع ،، إضغط هنا ..

 

 

تاريخ الاضافة : Mon 4 Oct 2021 عدد المشاهدات : 785 مشاهده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

code

أسئلة؟ دعنا نتحدث
دعم العملاء
تحتاج مساعدة؟ دردش معنا على الواتس اب